للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا هو ما اطمأن له مسلم من العلة المذكورة، وليس رضاه عن ذلك منحصرا فيما ذكره البخاري من عدم علمه بسماع موسى بن عقبة من سهيل، فلم تكن صحة الإسناد عنده متوقفة على ذلك السماع حتى يقال: إنه رضي بنفيه من البخاري، بل وكاد يطير فرحًا بذلك!!. بل أسباب الخلل في هذا الإسناد لاسيما مع الاطلاع على رواية وهيب ظاهرة لصغار الطلبة فضلا عن إمامٍ كمسلم رحمه الله.

يؤيد ذلك تعليلُ أحمد وأبي حاتم وأبي زرعة والدارقطني وغيرهم للحديث دون التعرض لذلك السماع. وقد سبق شرحُ تلك الأسباب آنفا.

والمقصود أن ما جعله العوني إعلالا من البخاري -وهو عدم العلم بالسماع- إنما هو قرينة لذلك، وما جعله قرائن للإعلال -وهو ما اشتملت عليه رواية وهيب من المخالفة- إنما هو عين الإعلال، والله تعالى الموفق.

وأما فيما يتعلق بصحة هذه القصة، فقد سبق العوني إلى تصحيحها: الحافظ ابن حجر في كتاب "النكت على كتاب ابن الصلاح" (١/ ٢٢٧) وجاء تصحيحه لها ردا على توهين العراقي -وغيره- لها، واتهامه لراويها: أحمد بن حمدون القصار، وقد حقق ابن حجر وغيره أن المستنكر في هذه القصة ما جاء فيها من قول البخاري: "لا أعلم في الباب غير هذا الحديث" وهذا غير متصور أن يصدر من مثل البخاري في سعة اطلاعه، مع وجود عدة أحاديث في هذا الباب. وذكر أن صواب العبارة: "لا أعلم في الدنيا بهذا الإسناد غير هذا الحديث" وقد سبق شرحُ ما يستفاد من هذه العبارة.

وذكر ابن حجر أن الوهم جرى لأبي عبد الله الحاكم في سياقه لهذه الحكاية في كتابه "معرفة علوم الحديث"، وقد روى تلك الحكاية من طريق الحاكم بهذا اللفظ المستنكر: الخطيب في "تاريخ بغداد" (٥/ ٤٩٦) (١٣/ ١٠٢) وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٥٨/ ٩١)، ورواه الخطيب (١/ ٢٠٥) وابن عساكر (٥٢/ ٦٨) باللفظ الآخر من غير طريق الحاكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>