للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ساقها الحاكم نفسه على الصواب في "تاريخ نيسابور" كما قاله ابن حجر وغيره.

ووهم الحاكم في هذا الحديث وهمًا آخر، فقال عقبه في "المستدرك": "هذا الحديث صحيح على شرط مسلم إلا أن البخاري قد علله بحديث وهيب عن موسى بن عقبة عن سهيل عن أبيه عن كعب الأحبار". اهـ.

كذا قال، وقد سبق أن رواية وهيب التي ذكرها البخاري وغيره إنما هي عن: سهيل، عن عون بن عبد الله بن عتبة من قوله.

ولعل الحاكم ذهب وهمُه إلى حديث: "وفد الله ثلاثة ... " الذي سبقت الإشارة إليه، وقد خالف فيه أيضا وهيب ما رواه موسى بن عقبة عن سهيل.

وأحمد بن حمدون القصار الذي تدور عليه هذه القصة -وهو صاحبها، والذي اتهمه بها بعضهم- قد حمل عليه أبو علي الحافظ شيخ الحاكم، وقال: حدثنا أحمد بن حمدون إن حلت الرواية عنه، وأنكر عليه أحاديث.

وقد كان حافظا، وقال الخليلي في "الإرشاد": "صاحب غرائب وحفظ".

وسأل الحاكمُ شيخَه: لم قال ذلك؟ أهذا بسبب ما نُسب إليه من المجون والسخف، أم لأجل الحديث؟ فقال: لأجل الحديث. فساق له أحاديث استنكرها عليه، فأجاب عنها الحاكم بأنه قد رواها غيره، وذكر أنه فتش في حديثه فلم ير شيئا يكون الحمل فيه عليه، وقال: أحاديثه مستقيمة، وهو مظلوم.

ويشهد لأصل القصة فيما يتعلق بإعلال البخاري لرواية ابن جريج عن موسى تلك، ما ذكره البخاري بلفظه في ترجمة سهيل من "التاريخ الكبير" كما سبق.

لكن يبقى النظر في بقية سياق القصة وألفاظها، وليس بالمستغرب أن يسأل مسلمٌ البخاريَّ عن هذا الحديث على النحو الذي ذكرناه آنفا، لكن لا يبعد أن يصبغها راويها أحمد بن حمدون القصار بتلك الصبغة حسبما يتفق مع ما وصف به من المزاح والسخف، ففي السياق "صنعة" و"كلفة".

<<  <  ج: ص:  >  >>