للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من وقوع السهو لمسلم في بعض ذلك أنه كان مستهينا بخصمه غاية الاستهانة، وأنه كان عنده أقل وأدنى من أن يُنَقِّر له الأدلة، ويُصَفِّيَ له الروَّية؛ استخفافا بذلك المبتدع المستحدث لذلك القول، ثم تصبَّر على الرد، وهو مستثقله، ولذلك لم يَحزم له كُلَّ حُموله، ولا أعد له كُلَّ عدته"!!

أقول:

هذا أقرب إلى انتقاص مسلم من الاعتذار له؛ إذ كيف يُقيم الدنيا في رد دعوى جاهل خامل الذكر، ثم يستهين به حتى يفتح الباب له لينقده بل اللائق به أن يعتني بتمحيص الأدلة، وانتقاء البراهن التي تُلزم خصمه وتلجمه مهما كان حاله، بل رد الجاهل خامل الذكر على مثل مسلم أشد عيبا لمسلم من رد ذي العلم المعروف، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

ص (٩٣):

• قول الحاكم: قرأت بخط محمد بن يحيى: سألت أبا الوليد: أكان شعبة يفرق بين (أخبرني) و (عن)؟ فقال: أدركت العلماء وهم لا يفرقون بينهما.

أقول:

الحاكم هو أبو عبد الله، ومحمد بن يحيى هو الذهلي، وأبو الوليد هو هشام بن عبد الملك الطيالسي. وتعتمد صحة وجادة الحاكم تلك على معرفته بخط الذهلي وتمييزه له، وقراءته من كتابٍ له، وأبو الوليد كأنه يُلمح إلى مذهب شعبة في ذلك بأن ذكر ما يخالفه، وشعبة قد استفاض عنه قوله: "كل حديث ليس فيه حدثنا وأخبرنا فهو خَلٌّ وبَقْلٌ"، وهو من أَجَلِّ شيوخ هشام، وقد عُرف بالتشدد في هذا الباب، وكان يتتبع ألفاظ الرواة، ويوقفهم على السماع، وقد كَفى مَن بعده النظر في عنعنة المدلسين الذين روى عنهم كما هو مشهور في موضعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>