للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن حجر: "لا شك أن نقله عن الحاكم أَوْلَى؛ لأنه من أئمة الحديث، وقد صنف في علومه".

يعني أن أبا عمرو الداني ليس من أئمة الحديث، فإن فنه القرآن وعلومه كما هو معلوم. وقد سبقت الإشارة إلى كلام الحاكم في هذا الصدد.

ص (١٠٥):

أما البيهقي، فإن العوني ادعى أن الطحاوي أعلَّ حديث قيس بن سعد عن عمرو بن دينار بعدم العلم بسماعه منه، فأجاب عليه البيهقي، والحق أن الطحاوي لم يُعل الحديث بعدم العلم بالسماع، بل قال: "أما حديث ابن عباس فمنكر؛ لأن قيس بن سعد لا نعلمه يحدث عن عمرو بن دينار بشيء" يعني حديث القضاء بشاهد ويمين.

وعبارة الطحاوي لا تفيد ما توهمه العوني، فإن الطحاوي قد ادعى أن الحديث منكر، ثم وجه ذلك بقوله: "لأن قيس بن سعد لا نعلمه يحدث عن عمرو بن دينار بشيء".

فلم يتعرض لسماعه منه أو لقائه له بنفي ولا إثبات، ولا ملازمة بين عدم التحديث وعدم اللقاء أو السماع، فإن كثيرا من الرواة لقوا جماعة من المشايخ وسمعوا منهم ثم لم يحدثوا عنهم بشيء.

حرر ذلك العلامة المعلمي في "التنكيل" (٢/ ١٥٣ - ١٥٤) وقال:

"فإن قيل: إنما ذاك لاعتقادهم ضعف أولئك المشايخ، وعمرو لم يستضعفه أحد.

قلت: بل قد يكون لسببٍ آخر؛ كما امتنع ابن وهب من الرواية عن المفضل بن فضالة القتباني؛ لأنه قضى عليه بقضية، وامتنع مسلم من الرواية عن محمد بن يحيى الذهلي؛ لما جرى له معه في شأن اختلافه مع البخاري، فكأن الطحاوي رأى أن قيسا لو كان يروي عن عمرو لجاء من روايته عنه عدة أحاديث؛ لأن عمرا كان أقدم وأكبر وأجل، وقد سمع من الصحابة، وحديثه كثير مرغوب فيه، وكان قيس معه

<<  <  ج: ص:  >  >>