للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - قوله: "وإن لم يقل كلُّ واحدٍ ممن حدثه: سمعت أو حدثنا حتى ينتهي ذلك إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإن أمكن أن يكون بين المحدث والمحدث عنه واحد أو أكثر؛ لأن ذلك عندي على السماع لإدراك المحدث من حدث عنه حتى ينتهي ذلك إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولازمٌ صحيحٌ يلزمنا قبوله ممن حمله إلينا إذا كان صادقا مدركا لمن روى ذلك عنه ... فهذا الظاهر الذي يحكم به، والباطن ما غاب عنا من وهم المحدث وكذبه ونسيانه وإدخاله بينه وبين من حدث عنه رجلا أو أكثر، وما أشبه ذلك مما يمكن أن يكون ذلك على خلاف ما قال، فلا نُكَلَّفُ علمُه إلا بشيء ظهر لنا، فلا يسعنا حينئذ قبولُه لما ظهر لنا منه. اهـ.

أقول:

أولًا: لم يتعرض الحميدي لبراءة الرواة من التدليس، وهو الحد الأدنى عند الجميع، وعليه فهذا إطلاق لم يقل به أحد فيما أعلم.

ثانيًا: قوله: "وإن أمكن أن يكون بين المحدث والمحدث عنه واحد أو أكثر ... والباطن ما غاب عنا ... لما يمكن أن يكون ذلك على خلاف ما قال ... ".

أقول:

من أجل هذا الإمكان احتاط المحققون ووضعوا قواعد لنقد الأسانيد ونصبوا شروطا لقبول الأخبار، ولم يتركوا سبيلا لهذه "الإمكانات" أو "الاحتمالات" إلا أغلقوه، سوى القليل النادر مما لا يغيب أمره عن مجموع النقاد.

ولو فُتح البابُ لهذا الإمكان وهذا الباطن، ورُكن إلى ذلك لما اطمأن ناقدٌ لخبر. وهذا لا يتنافى مع كون هذا العلم إنما هو بغلبة الظن، لكنه الظن الغالب والراجح الذي هو مناط التكليف في كثير من العلوم.

ففي مسألتنا هذه شُرط لقبول الإسناد المعنعن:

<<  <  ج: ص:  >  >>