للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبعد هذا، يصير تَصَوُّرُ أن يكون معنى عبارة: لا يحدث عنه إلا من هو شرٌّ منه، على معنى الإطراء تصوُّرًا بعيدًا، وإنما بالغ ابن معين في ذم ابن جابر، بذم من يروي عنه -والظاهر أن ذلك بعد أن ظهر من ابن جابر ما ظهر من التخليط وقبول التلقين ونحو ذلك-، ولا سيما وابن معين كان لا يرى الكتابة عنه أصلًا، كما سبق من رواية ابن طهمان عنه، فكيف بالرواية؟ فقول القائل: لا يحدث عنه إلا من هو شر منه، مبالغةٌ في التحذير من التحديث عنه لتخليطه وسوء حفظه، ولما كان يُلحَق في كتب وغير ذلك، مما أسقطه عند ابن معين وغيره.

على أن الأئمة قد يختلفون في أحكامهم على الرجال، فكما يوثق بعضهم الرجل، ويضعفه آخرون، فكذلك يرى بعضهم جواز الرواية عن رجل، ويمنع منه آخرون، فرواية بعض الأئمة عن ابن جابر، لا تصلح أن يُفَسَّر على ضوءها قول ابن معين المشار إليه، خشيةَ أن يقتضي ظاهرها تفضيل ابن جابر عليهم؛ إذ لا ينبغي أن يُلزم ابن معين بصنيع غيره من الأئمة، للسبب الذي قدمنا.

هذا على افتراض أن هناك ثمة تعارض بين قول ابن معين وصنيع هؤلاء الكبار الذين رووا عنه، ولكن الصواب أنه لا تعارض كما سبق بيان ذلك.

ثم إن الحكاية ثابتة عن ابن معين كما سبق، ولا نكارة فيها البتة، بعد ثبوت حملها على ذم ابن جابر، كما بيناه آنفًا؛ والله تعالى الموفق.

وانظر تمام الترجمة والتعليق عليها هناك.

[١٨ - قولهم: "فلان الذي يحدث عن فلان لا شيء"]

• أخرج الترمذي (٢١٤٩) حديثًا للقاسم بن حبيب في ذَمِّ القدرية والمرجئة، مقرونًا بعلي بن نزار بن حيان، كلاهما عن نزار بن حيان عن عكرمة به.

القاسم وثقه ابن حبان، وقال ابن أبي حاتم: ذكر أبي عن إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين أنه قال: "القاسم بن حبيب الذي يحدث عن نزار بن حيان لا شيء".

<<  <  ج: ص:  >  >>