للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الأولى

ممن يُقبل الجرح والتعديل؟

قال الشيخ المعلمي في مقدمة "الجرح والتعديل" (١):

"ليس نقدُ الرواة بالأمر الهَيِّنِ؛ فإنَّ الناقدَ لا بُدَّ أن يكونَ واسعَ الاطلاع على الأخبار المروية، عارفا بأحوال الرواة السابقين وطرق الرواية، خبيرا بعوائد الرواة ومقاصدهم وأغراضهم، وبالأسباب الداعية إلى التساهل والكذب، والمُوقعة في الخطأ والغلط، ثم يحتاج إلى أن يعرف أحوال الراوي:

متى وُلد؟ وبأيّ بلد؟ وكيف هو في الدين والأمانة والعقل والمروءة والتحفظ؟

ومتى شَرع في الطلب؟ ومتى سمع؟ وكيف سمع؟ ومع من سمع؟ وكيف كتابه؟

ثم يعرف أحوال الشيوخ الذين يحدث عنهم، وبلدانهم، ووفياتهم، وأوقات تحديثهم، وعادتهم في التحديث.

ثم يعرف مرويات الناس عنهم، ويعرض عليها مرويات هذا الراوى ويعتبرها بها، إلى غير ذلك مما يطول شرحه.

ويكون مع ذلك متيقظا، مرهفَ الفهم، دقيقَ الفطنة، مالكا لنفسه، لا يستميله الهوى، ولا يستفزه الغضب، ولا يستخفه بادرُ ظَنٍّ، حتى يستوفي النظر ويبلغ المقر، ثم يحسن التطبيق في حكمه، فلا يجاوز ولا يقصر.

وهذه المرتبة بعيدةُ المرامِ، عزيزةُ المنالِ، لم يبلغْها إلا الأفذاذ.


(١) سبق نقله قريبا، وأعدت بعضه هنا لمناسبته وأهميته.

<<  <  ج: ص:  >  >>