للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما كلمة "ليس بثقة" فقد روى بشر بن عمر عن مالك إطلاقها في جماعةٍ، منهم: صالح مولى التَّوْءمَة، وشعبة مولى ابن عباس، وفي ترجمة مالك من "تقدمة الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم عن يحيى القطان، أنه سأل مالكًا عن صالح هذا؟ فقال: "لم يكن من القراء" (١)، وسأله عن شعبة هذا فقال: "لم يكن من القراء".

فأما صالح، فأثنى عليه أحمد وابن معين، وذكر أنه اختلط بأخرة، وأن مالكًا إنما أدركه بعد الاختلاط.

وأما شعبة مولى ابن عباس، فقال أحمد: "ما أرى به بأسًا"، وكذا قال ابن معين، وقال البخاري: "يتكلم فيه مالك، ويحتمل منه".

قال ابن حجر: "قال أبو الحسن ابن القطان الفاسي: قوله "ويحتمل منه" يعني من شعبة، وليس هو ممن يترك حديثه، قال: ومالك لم يضعفه، وإنما شَحَّ عليه بلفظة ثقة - قلت: هذا التأويل غير شائع بل لفظة "ليس بثقة" في الاصطلاح توجب الضعف الشديد ..

وكلمة "ليس بثقة" حقيقتها اللغوية نفي أن يكون بحيث يقال له "ثقة"، ولا مانع من استعمالها بهذا المعنى، وقد ذكرها الخطيب في "الكفاية" في أمثلة الجرح غير المفسر.

واقتصار مالك في رواية يحيى القطان على قوله: "لم يكن من القراء" يشعر بأنه أراد هذا المعنى.

نعم إذا قيل: "ليس بثقة ولا مأمون" تَعَيَّنَ الجرحُ الشديد، وإن اقتصر على "ليس بثقة" فالمتبادرُ جرحٌ شديدٌ، ولكن إذا كان هناك ما يُشعر بأنها استعملت في المعنى الآخر حُملت عليه وهكذا كلمة "ثقة" معناها المعروف: التوثيق التام، فلا تُصرف عنه إلا بدليل، إما قرينة لفظية؛ كقول يعقوب: "ضعيف الحديث، وهو ثقة صدوق"


(١) سبق التعليق على نسبة قول مالك هذا في صالح، فراجعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>