للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمر الثاني

ما نُقل عنه أنه قال: "النبوة: العلم والعمل"

قال أبو إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري مؤلف كتاب "ذم الكلام": "سمعت عبد الصمد بن محمد بن محمد يقول: سمعت أبي يقول: أنكروا على أبي حاتم بن حبان قوله: "النبوة: العلم والعمل" فحكموا عليه بالزندقة، وهُجِرَ، وكُتب فيه إلى الخليفة، فَكَتب بقتله".

حكاه الذهبي في "السير" (١) ثم عقبه بقوله:

"هذه حكاية غريبة، وابن حبان فمن كبار الأئمة، ولسنا ندعي فيه العصمة من الخطأ، لكن هذه الكلمة التي أطلقها، قد يطلقها المسلم، ويطلقها الزنديق الفيلسوف، فإطلاق المسلم لها لا ينبغي، لكن يُعْتَذَرُ عنه فنقول: لم يُرِدْ حَصْرَ المبتَدأ في الخبر (٢)، ونظيرُ ذلك قولهُ عليه الصلاة والسلام: "الحج عرفة" ومعلوم أن الحاجَّ لا يصير بمجرد الوقوف بعرفة حاجا، بل بقي عليه فروض وواجبات، وإنما ذكر مُهِمَّ الحج.

وكذا هذا ذكر مُهِمَّ النبوة؛ إذْ من كمل صفات النبي -صلى الله عليه وسلم-: كمال العلم والعمل، فلا يكون أحدٌ نبيًّا إلا بوجودهما، وليس كُلُّ من برز فيهما نبيًّا؛ لأن النبوة موهبة من الحقِّ تعالى، لا حيلةَ للعبد في اكتسابها، بل بها يتولد العلم اللَّدُنِّي والعمل الصالح. وأما الفيلسوف فيقول: النبوة مكتسبة ينتجها العلم والعمل، فهذا كُفْرٌ، ولا يريده أبو حاتم أصلًا، وحاشاه". اهـ.


(١) "السير" (١٦/ ٩٥ - ٩٦).
(٢) يعني أنه لم يُرد حصر النبوة في العلم والعمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>