للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا وُجد الخبرُ متعرِّيًا عن هذه الخصال الخمس، فإنه لا يجوز التنكب عن الاحتجاج به؛ لأن العدلَ من لم يُعْرَفْ منه الجرحُ ضد التعديل، فمن لم يُعلم بجرح فهو عدل إذا لم يتبين ضده؛ إذْ لم يكلف النَّاسُ من الناس معرفة ما غاب عنهم، وإنما كُلفوا الحكم بالظاهر من الأشياء غير المغيب عنهم". اهـ.

وقد نظر الحافظ ابن حجر في كتابه "النكت على ابن الصلاح" (١/ ٢٩٠ - ٢٩١) في تلك الشروط، واعترض على قول ابن الصلاح عند قوله على الزيادة في "الصحيح" على ما في "الصحيحين" في مقدمته (١): "ويكفي مجرد كونها في كتب من اشترط منهم الصحيح فيما جمعه كابن خزيمة ... ".

فقال ابن حجر: "مقتضى هذا أن يؤخذ ما يوجد في كتاب ابن خزيمة وابن حبان وغيرهما ممن اشترط الصحيح -بالتسليم ... وفي ذلك نظر، فلم يلتزم ابن خزيمة وابن حبان في كتابيهما أن يخرجا الصحيح الذي اجتمعت فيه الشروط التي ذكرها المؤلف- يعني ابن الصلاح (٢) ... وقد صرح ابن حبان بشرطه، وحاصله: أن يكون راوي الحديث عدلا مشهورًا بالطلب (٣)، غير مدلس، سمع ممن فوقه إلى أن ينتهي، فإن كان يروي من حفظه، فليكن عالمًا بما يحيل المعاني.

فلم يشترط على الاتصال والعدالة ما اشترطه المؤلف في "الصحيح" من وجود:

(١) الضبط.

(٢) ومن عدم الشذوذ والعلة.


(١) (ص ٩٣).
(٢) حيث قال ابن الصلاح (ص ٨٣): "أما الحديث الصحيح فهو: الحديث المسند الذي يتصل إسناده بنقل العَدْل الضابط عن العَدْل الضابط إلى منتهاه، ولا يكون شاذًّا ولا مُعَلَّلا. وفي هذه الأوصاف: احتزاز عن المرسل والمنقطع والمعضل والشاذ، وما فيه علَّة قادحة، وما في راويه نوع جرح". اهـ.
(٣) أما العدالة فعلى منهجه فيها، وأما الشهرة بالطلب ففي تحقق التزامه بها نظر كبير، وقد سبق في المطلب الثاني بيان ذلك مفصلا؛ إذ ربما أخرج ابن حبان لمن لا يعرفه ولا يعرف أباه ولا شيئًا عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>