للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وضَبْطُ الراوي إنما يُعرف بعرض أحاديثه على أحاديث الثقات المتقنين، فَيُقَارَنُ سياقُه بسياقهم؛ إسنادًا ومتنًا، ويُحكم على ضبطه بقدر موافقته لهم.

فإن اعتبرَ ابنُ حبان ذلك في المشاهير من الرواة، ورجح بعضَهم على بعض لحالِ اختلاف الضبط بينهم، فإنه لا سبيل له في ذلك في المجاهيل الذين وثقهم وهو لا يعرف عنهم شيئًا؛ بناءً على أصل العدالة عنده، وليس الضبط من العدالة بسبيل!

فتبيَّن من هذا أن ابن حبان لم يتقيد باشتراط الضبط أو البحث فيه بصورة مُطَّرِدَة، لكن إن وجد ما يدل عليه اعتبره، وإلا فهو جارٍ على أصله.

وأما نفي الشذوذ والعلة فقد أشار الحافظ ابن حجر -كما سبق- إلى عدم اشتراط ابن حبان له في باب التصحيح، فقال في "النكت" (١/ ٢٩٠): "وهذا وإن لم يتعرض ابن حبان لاشتراطه، فهو إن وجده كذلك أخرجه، وإلا فهو ماشٍ على ما أَصَّل؛ لأن وجود هذه الشروط لا ينافي ما اشترطه". اهـ.

قال أبو أنس:

قد قطع شيخنا العلامة المعلمي بمخالفة ابن حبان -ومثله الدارقطني- للمتقدمين في هذا.

ففي كتاب "الأنوار الكاشفة" (ص ١١٢) من قول أبي رية: "أخرج الخطيب عن مالك أن عمر دخل على أم كلثوم بنت علي وهي زوجته فوجدها تبكي، فقال: ما يبكيك؟ قالت: هذا اليهودي -أي كعب الأحبار- يقول: إنك من أبواب جهنم. فقال عمر: ما شاء الله، ثم خرج فأرسل إلى كعب فجاءه، فقال: يا أمير المؤمنين والذي نفسي بيده لا ينسلخ ذو الحجة حتَّى تدخل الجنة، فقال عمر: ما هذا؟ مرة

<<  <  ج: ص:  >  >>