للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصل السادس

وداع الحبيب

في السنة الحادية عشرة للهجرة

وها نحن الآن ندخل في المرحلة العصيبة النهائية، والنقطة الأخيرة من مصائب الحياة التي تعاني منها المرأة، ألا وهي وداع الحبيب ومفارقة الزوج.

كانت عائشة (ض) في السنة الثامنة عشرة من عمرها عندما التحق المصطفى - صلى الله عليه وسلم - بالرفيق الأعلى، وكانت ملامح الحب والوفاء ومعالم الإخلاص والمودة تلمس بينهما بكل جلاء، وفي كل مكان ومناسبة، فكان يوما من شهر صفر عام ١١ هـ إذ دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عائشة فقالت: وارأساه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بل أنا وارأساه (١). ومنذ ذلك الحين ابتدأ به - صلى الله عليه وسلم - وجعه في بيت ميمونة، وكان وجعا في رأسه الكريم، وكان أكثر ما يعتريه - صلى الله عليه وسلم - الصداع، فجعل مع هذا يدور على نسائه فما إن شعر بالمرض حتى أخذ يسأل: أين أنا غدا؟ أين أنا غدا؟ استبطاء ليوم عائشة، فأذن له أزواجه يكون حيث شاء، فكان في بيت عائشة حتى مات عندها (٢).

[سبب رغبته - صلى الله عليه وسلم - في التمريض في بيت عائشة]

وربما يفهم البعض أن سبب رغبته - صلى الله عليه وسلم - في التمريض في بيت عائشة (ض) هو حبه لها، ولكننا ذكرنا سابقا أن الله سبحانه وتعالى قد خص السيدة عائشة (ض) بكثير من الفضائل والمزايا الفطرية ووهبها حظا وافرا من كمال العقل وقوة الذاكرة وسرعة الفهم والذكاء المتوقد والبديهة الواعية وقدرة التحصيل والإحاطة بكل


(١) صحيح البخاري كتاب المرضى برقم ٥٦٦٦ وكتاب الأحكام برقم ٧٢١٧.
(٢) صحيح البخاري كتاب الجنائز برقم ١٣٨٩، كتاب المناقب برقم ٣٧٧٤، كتاب المغازي ٤٤٥٠، كتاب النكاح برقم ٥٢١٧، صحيح مسلم كتاب فضائل الصحابة برقم ٢٤٤٣.

<<  <   >  >>