للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[استشهاد الخليفة عثمان بن عفان (ض) وبيعة علي بن أبي طالب]

واستمر حصار الدار ثلاثة أسابيع، وأخيرا قتل الخليفة عثمان بن عفان (ض) شهيدا بيد البغاة والخوارج، ((إنا لله وإنا إليه راجعون)) وبعدما استشهد عثمان (ض) لم يبق للخلافة إلا أربعة من الصحابة الذين يستأهلونها وهم طلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وعلي (ض)، أجمعين.

وكان الكوفيون يطلبون الزبير فلا يجدونه، والبصريون يطلبون طلحة فلا يجيبهم، والمصريون يلحون على علي وهو يهرب منهم إلى الحيطان، فمضوا إلى سعد بن أبي وقاص فقالوا: إنك من أهل الشورى، فلم يقبل منهم، فرجعوا إلى علي فألحوا عليه، وأخذ الأشتر النخعي بيده فبايعه وبايعه الناس، وكان من مقدمي أصحاب علي (ض) الأشتر النخعي وعمار بن ياسر ومحمد بن أبي بكر، وكان بعض الناس رشحوا عبد الله بن عمر (ض)، أما بنو أمية فرشحوا للخلافة أبان بن عثمان، كما أن هناك من كانوا يذكرون عبد الرحمن بن أبي بكر. ثم بعد ثلاثة أيام بايعه جمهور أهل المدينة، إلا بعض الأشخاص.

وهذا ما حدث في الحجاز، أما الوضع السياسي في بلاد الشام فكان معاوية (ض) يحلم باستقلاله وحريته، كما أن محمد بن أبي حذيفة أعلن استقلاله بمصر، وكان الناس مذهولين بسبب حادث امستشهاد الخليفة الراشد الثالث في رحاب الحرم النبوي، وبأيدي المسلمين، تلك الحادثة المفجعة التي لم يرض بها حتى معارضو عثمان ومخالفوه، وكانت من هؤلاء عائشة أم المؤمنين (ض) كما في (١) رواية، وحاشاهم أن يتعمدوا ذلك.

وقبل هذا الحادث المدهش المذهل جاء الأشتر النخعي فقال: ((يا أم المؤمنين ما تقولين في قتل هذا الرجل؟ يعني عثمان، فقالت: معاذ الله أن آمر بسفك دم إمام المسلمين)) (٢)، وقد أذاع بعض الأعداء أن السيدة عائشة (ض) كانت متورطة في هذه الحادثة. ولعلهم يبررون زعمهم الباطل هذا بما فعله


(١) الطبقات الكبرى لابن سعد جزء أهل المدينة ترجمة مروان بن الحكم.
(٢) الطبقات الكبرى لابن سعد ٨/ ٤٨٥.

<<  <   >  >>