للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المؤمنين خرجت تطلب ثأر دم عثمان انضموا معها، وشارك معظم الناس في هذه الجماعة، لأنهم أخبروا أن أم المؤمنين هي التي تقود هذا الجيش، فلحقوا به حتى وصلوا إلى ثلاثة آلاف لما انتهوا إلى المنزل. هذا ولم يكن الهدف الأساسي لبعض بني أمية من وراء هذه الجهود طلب ثأر دم عثمان، والعمل من أجل الإصلاح، وإنما كان غرضهم الزيادة في مشكلات علي (ض)، ولذا فإنهم لما رأوا أن هناك قوة سياسية ثالثة بدأت تنشأ بقيادة السيدة عائشة (ض). ويمكن أن تكون هذه القوة حليفهم الثاني، بدأوا ينسجون شبكات من المؤامرات الخفية والدسائس الباطنية في داخل العساكر، وبما أن هذا العسكر كان فيه العديد من مدعي الخلافة، فأول سؤال طرح عن الخليفة، من يتولى الخلافة؟ هل طلحة أو الزبير؟ فقامت عائشة (ض) بإنهاء هذه القضية، ثم ثارت فتنة أخرى حول الإمامة، من يؤم الناس؟ ومن هو أحق بالإمامة؟ فقررت عائشة (ض) لأبناء كل من طلحة والزبير أن يتناوبوا في الإمامة يوما بعد يوم.

[قصة ماء الحوأب وعزم عائشة على الرجوع]

ولما وصلوا مياه بني عامر طرقوا ماء الحوأب ونبحت الكلاب فقالت: أي ماء هذا؟ فقالوا: ماء الحوأب، فصرخت فقالت: ما أظن إلا راجعة، وتذكرت قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - لما خاطبها قائلا: ((كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب؟)) (١) فأناخت وأناخوا حولها وهم على ذلك وهي تأبى حتى كانت الساعة التي أناخوا فيها من الغد، وفي نهاية الأمر شهد خمسون شخصا من القرية أن هذا ليس بماء الحوأب، فاطمأنت عائشة (ض)، فلما وصل الخبر إلى علي (ض) بخروج طلحة والزبير وأم المؤمنين أمر على المدينة تمام بن العباس، وبعث إلى مكة قثم بن العباس، وخرج وهو يرجو أن يأخذهم


(١) أخرجه ابن حبان في صحيحه ١/ ١٢٦ برقم ٦٧٣٢، وأورده الهيثمي في موارد
الظمآن ١/ ٤٥٣ برقم ١٨٣١، وابن أبي شيبة في المصنف ٧/ ٥٣٦ برقم ٣٧٧٧١،
والطبراني في الأوسط ٦/ ٢٣٤ برقم ٦٢٧٦، وأحمد في مسنده ٦/ ٢٥ برقم ٢٤٢٩٩
و٦/ ٩٧ برقم ٢٤٦٩٨.

<<  <   >  >>