للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ} [آل عمران: ٢٣].

[خطبة أخرى لعائشة (ض)]

وينسب إلى أم المؤمنين عائشة (ض) خطبة أخرى بهذه المناسبة، وهي تفوق الخطبة المذكورة من حيث البلاغة والفصاحة ورصانة في الأسلوب ورشاقة في البيان ونصها: ((إن لي عليكم حرمة الأمومة (١)، وحق الموعظة، لا يتهمني إلا من عصى ربه، قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين سحري ونحري (٢)، وأنا إحدى نسائه في الجنة، له ادخرني ربي وحصنني من كل بضع، وبي ميز مؤمنكم من منافقكم (٣)، وبي أرخص الله لكم في صعيد الأبواء وفي نسخة ((ثم أبي ثاني اثنين الله ثالثهما)) وأبي رابع أربعة من المسلمين (٤)، وأول من سمي صديقا (٥)، قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو عنه راض. وقد طوقه وهف الإمامة (٦)، ثم اضطرب حبل الدين، فأخذ بطرفيه، ورتق لكم أثناءه (٧)، فوقد النفاق، وأغاض نبع (٨) الردة، وأطفأ ما تحش يهود، وأنتم يومئذ جحظ العيون، تنظرون العدوة وتستمعون الصيحة (٩)، فرأب الثأي وأوزم العطلة (١٠)، وامتاح


(١) لأنها من أمهات المؤمنين أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال الله تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: ٦].
(٢) السحر: الرئة، والنحر: أعلى الصدر، تريد أنه مات محضونا بين يديها وصدرها.
(٣) تشير إلى حديث الإفك المعروف، وخلاصته أن قوما اتهموها بريبة فنزل الوحي ببراءتها وعلم أن المنافقين هم الذين شنعوا في التهمة، وقد سبق ذكره.
(٤) تشير إلى انه من الأوائل السابقين في التشرف بدخول الإسلام.
(٥) لأنه كان كلما تحدث النبي - صلى الله عليه وسلم - بشيء أجابه ((صدقت)).
(٦) أي ثقلها.
(٧) الرتق ضد الفتق، وأثناء الشيء: قواه، تريد لما اضطرب الأمر يوم الردة أحاط به من جوانبه وضمه.
(٨) النبع: العين التي يخرج منها الماء، وأغاضه: أنقصه، تريد أنه لافى فورتها من أصلها.
(٩) تريد أنهم كانوا في حالة جهد وبلاء، أجحظوا عيونهم أي أبرزوها وهم ينظرون الوثبة
عليهم ويسمعون للتصايح إليهم، وقد أسقط في يدهم.
(١٠) العطلة: الدلو المعطلة عن الاستقاء لانقطاع وزمها: أي السيور التي بين آذانها أو عراها، وأوزمها: أي شدها وأصلحها.

<<  <   >  >>