للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قبل أن يسلموا يهلون لمناة الطاغية التي كانوا يعبدونها عند المشلل، فكان من أهل يتحرج أن يطوف بالصفا والمروة، فلما أسلموا سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك قالوا: يا رسول الله إنا كنا نتحرج أن نطوف بين الصفا والمروة فأنزل الله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} قالت عائشة (ض): وقد سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الطواف بينهما، فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما، ثم أخبرت أبا بكر بن عبد الرحمن فقال: إن هذا لعلم ... (١).

ولا شك أن هذا هو الواقع.

إن عائشة (ض) كانت على علم كاف وبصيرة تامة، وقد كشفت عن عقدة معقدة لأصول التفسير، ولا بد أن تراعى هذه الأصول في كل تفسير، وهي أن فحوى الآية ومقصودها الحقيقي يحدد في ضوء ما يتبادر إلى الذهن من معاني الألفاظ حسب استعمالات العرب، والأمثال العربية، وإلا -كما تقول أم المؤمنين - لكان من الممكن أن يعبر الله تعالى عن ذلك بعبارة أخرى يكون معناها المتبادر واضحا جليا.

٢ - قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا} [يوسف: ١١٠].

قال عروة وهو يسأل عائشة (ض) عن هذه الآية: قلت: أ ((كذبوا)) أم ((كذبوا)) قالت عائشة: كذبوا، قلت: فقد استيقنوا أن قومهم كذبوهم، فما هو بالظن؟.

قالت: أجل لعمري، لقد استيقنوا بذلك، فقلت لها: وظنوا أنهم قد كذبوا، قالت: معاذ الله، لم تكن الرسل تظن ذلك بربها، قلت: فما هذه الآية؟ قالت: هم أتباع الرسل الذين آمنوا بربهم وصدقوهم، فطال عليهم البلاء، واستأخر عنهم النصر، حتى إذا استيأس الرسل ممن كذبهم من قومهم


(١) صحيح البخاري كتاب الحج يرقم ١٦٤٣، وصحيح الإمام مسلم كتاب الحج برقم
١٢٧٧، وسنن الترمذي كتاب تفسير القرآن برقم ٢٩٦٥، وسنن النسائي كتاب مناسك
الحج برقم ٢٩٦٨.

<<  <   >  >>