للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقالت: لا حاجة لي بذلك، فسمع بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - أو بلغه فقال: اشتريها وأعتقيها ودعيهم يشترطون ما شاؤوا، فأعتقتها عائشة (ض)، واشترط أهلها الولاء، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((الولاء لمن أعتق وإن اشترطوا مئة شرط)).

تقول عائشة (ض): ((وكان في بريرة ثلاث سنن: خيرت على زوجها حين عتقت، وأهدي لها لحم فدخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والبرمة على النار، فدعا بطعام فأتي بخبز وأدم من أدم البيت، فقال: ألم أر برمة على النار فيها لحم؟ فقالوا: بلى يا رسول الله ذلك لحم تصدق به على بريرة، فكرهنا أن نطعمك منه، فقال: هو عليها صدقة، ولنا هدية)) (١).

هذه القصص ولو كانت بسيطة في نظر العامة إلا أن عائشة (ض) استنبطت منها عدة أصول وقواعد فقهية، كما أن قصة بريرة أطلعتنا على ثلاثة من أحكام الإسلام، وهي:

١ - الولاء لمن أعتق.

٢ - الجارية تخير على زوجها حين تعتق.

٣ - لو تصدق بمال على صاحب حاجة وهو أهداه إلى غيره يجوز أخذه، وذلك لوجود التغير في الحقيقة والماهية.

وهناك بعض الاستنباطات الأخرى لم تصرح بها أم المؤمنين لكن كلامها يقتضيها، ثم بنى عليها الفقهاء والأصوليون والمجتهدون جزئيات وفروعا فقهية كثيرة.

* الكل يعرف أن حوالي مئة ألف صحابي كانوا مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع، وكان منهم كبار الصحابة، وكل ما حدث في هذا السفر حفظه الصحابة الكرام، وكذلك عائشة (ض) حفظته، وكل تلك الوقائع مسجلة محفوظة في الأحاديث، إلا أن ما حدثت به عائشة (ض) من وقائع هذا السفر


(١) صحيح البخاري باب الحرة تحت العبد برقم ٥٠٩٧ و ٥٢٧٩ و ٥٤٣٠، كتاب
الأطعمة، وصحيح مسلم كتاب العتق برقم ١٥٠٤، وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه
١٠١/ ٤ برقم ٢٤٤٩، وابن حبان في صحيحه ٥١٨/ ١١ برقم ٥١١٦.

<<  <   >  >>