للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وتكون صفوف الرجال ثم الأطفال ثم النساء، وقد أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - الصحابة بالسماح للمرأة بالذهاب إلى المساجد فقال: ((إذا استأذنت امرأة أحدكم فلا يمنعها)) (١) وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تمنعوا إماء الله مساجد الله)) (٢). فلما اتسعت رقعة الدولة الإسلامية وفتح المسلمون البلاد ووصلت الغنائم وكثرت الخيرات وازدادت النعم والثروات، ودخل في الإسلام ناس من شتى الحضارات والثقافات، يحملون طابع مختلف العادات والتقاليد، أثر ذلك كله في نساء المسلمين، وفتح لهن أبواب الزينة والتجمل على مصراعيه، وحدث كل ذلك بمرأى ومسمع من أم المؤمنين، فلم تلبث إلا وجهت نداءها إلى أبنائها وبناتها، ترشدهم إلى ما فيه صلاحهم وتقواهم، فقالت فيما روته عمرة (ض): ((لو أدرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أحدث النساء لمنعهن، كما منعت نساء بني إسرائيل)) (٣) وإن لم يعمل برأي أم المؤمنين عائشة (ض) في ذلك الحين إلا أن مصدر هذا الاستنباط كان هو القياس العقلي.

٢ - كان أبو هريرة (ض) يفتي أن من غسل جنازة يغتسل ومن حمل جنازة يعيد وضوءه، فلما سمعت عائشة (ض) ذلك قالت: ((أونحس موتى المسلمين؟ وما على رجل لو حمل عودا)) (٤).


(١) صحيح البخاري كتاب الأذان برقم ٨٧٣، وكتاب النكاح برقم ٥٢٣٨، وصحيح مسلم كتاب الصلاة برقم ٤٤٢، وسنن النسائي كتاب المساجد برقم ٧٠٦.
(٢) صحيح البخاري كتاب الجمعة برقم ٩٠٠، وصحيح الإمام مسلم كتاب الصلاة برقم ٤٤٢.
(٣) صحيح البخاري كتاب الأذان برقم ٨٦٩، وصحيح مسلم كتاب الصلاة برقم ٤٤٥، وسنن أبي داود كتاب الصلاة برقم ٥٦٩.
(٤) قال الزركشي: ذكر أبو منصور البغدادي بإسناده ... عن أبى هريرة (ض)، أنه قال: ((من غسل ميتا اغتسل، ومن حمله توضأ)) فبلغ ذلك عائشة (ض) فقالت: ((أو نجس موتى المسلمين؟ وما على رجل لو حمل عودا؟)) واعلم أن جماعة من الصحابة رووا هذا الحديث ولم يذكروا فيه الوضرء على من حمله، منهم عائشة أخرجه أبو داود ومنهم حذيفة أخرجه البيهقي وهو يقوي إنكار عائشة، لكن قال البيهقي: ((الروايات
المرفوعة في هذا الباب عن أبي هريرة غير قوية لجهالة بعض رواتها وضعف بعضهم، والصحيح أنه موقوف على أبي هريرة)) (الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة ص ٣٦ - ١٣٥).

<<  <   >  >>