للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المؤمنين عمر وعلي، وزيد وابن عباس وعائشة (ض) وغيرهم ممن بحثوا عنه وأبرزوا وجوها منه)) (١).

ولو لم أتهم بتمجيد الأبطال والأعلام والحب المفرط لهم لوضعت اسم أم المؤمنين عائشة (ض) في رأس القائمة التي عملها العلامة الدهلوي لفقهاء الصحابة، وهذا لا يعني أنها كانت أوسع علما وأكثر معرفة واطلاعا ممن سبقها من أكابر الصحابة، بل الغرض من ذلك هو أنها كانت أكثر نشرا وإشاعة فيما بين الناس لهذه الخزائن العلمية المختومة والدرر المكنونة، وذخيرة الأحاديث والآثار خير دليل على هذه الدعوى.

سبق أن ذكرنا أن النساء في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - كن يشاركن الرجال في الصلاة في المساجد دون أي تردد، وتكون صفوفهن وراء صفوف الأطفال، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أوصى بعدم منع النساء من المساجد، فلما انقرض عهد النبوة المبارك، وكثرت الأموال والغنائم، ووجد الاختلاط مع غير المسلمين، وشاهدت أم المؤمنين عائشة (ض) هذه الأوضاع قالت: ((لو أدرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أحدث النساء لمنعهن كما منعت نساء بني إسرائيل)) (٢).

هذه واقعة جزئية لكنها تدل على أن أحكام الشريعة الغراء في نظر أم المؤمنين (ض) تنبني على حكم وأسباب، فإذا تغيرت تلك الأسباب والحكم يتغير الحكم، تقول عائشة (ض): ((جاء أفلح أخو أبي القعيس يستأذن عليها بعدما نزل الحجاب. وكان أبو القعيس أبا عائشة من الرضاعة، قالت عائشة: ((فقلت: والله لا آذن لأفلح حتى أستأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإن أبا القعيس ليس هو أرضعني، ولكن أرضعتني امرأته، قالت عائشة: ((فلما دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -


(١) انظر: حجة الله البالغة مقدمة الكتاب تحت عنوان ((السلف لم يدونوا كل شي)) ١/ ١٥
ط: دار الكتب العلمية بيروت ١٤١٥هـ.
(٢) صحيح البخاري كتاب الأذان برقم ٨٦٩، وصحيح مسلم كتاب الصلاة برقم ٤٤٥، وسنن أبي داود كتاب الصلاة برقم ٥٦٩.

<<  <   >  >>