للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عمره أو في آخر عمره، فكانت تقدم عليه وفود العرب من كل وجه فتنعت له الأنعات وكنت أعالجها له فمن ثم)) (١).

وأرى أن معرفة أم المؤمنين عائشة (ض) بالطب كانت مثل ما كانت تعالج النساء الكبيرات في السن الأطفال، وتحفظ بعض الأنعات والوصفات الطبية المجربة لبعض الأمراض والأسقام، لأن النساء كانت تشارك الرجال في صدر الإسلام في تحمل أعباء الجهاد في سبيل الله، وكان جهادهن يتناسب مع أنوثتهن، وكان في الأعم الأغلب مقتصرا على إعداد الطعام وسقي الماء وتمريض الجرحى وإخلاء القتلى، وأم المؤمنين عائشة (ض) نفسها شاركت في غزوة أحد فخرجت مع النساء تسقي الجرحى وتحمل قرب الماء على عاتقها لتفرغها في أفواه المجاهدين (٢). وفي هذا دليل على أن نساء ذلك العصر كن يلممن بهذا الفن قدر الحاجة.

[التاريخ]

كان أبو بكر الصديق (ض) من أعلم الناس بأيام العرب وأنسابهم والطقوس والتقاليد التي كانت في الجاهلية، وأم المؤمنين عائشة (ض) كانت ابنته، فبالطبع ورثت هذه الفنون والعلوم من أبيها الكريم، وقد سبق قول هشام بن عروة: ((ما رأيت أحدا من الناس أعلم ... بحديث العرب ولا النسب من عائشة)) وكل ما وصلنا من المعلومات والاطلاع على أحوال الجاهلية ومعرفة طقوسهم وعاداتهم، وأخبارهم الاجتماعية، في كتب الحديث كلها مروية عن طريق عائشة (ض).

مثلا: الطرق المتبعة في النكاح والزواج عند العرب (٣)، وكيفية الطلاق


(١) أخرجه الإمام أحمد ٦٧/ ٦ برقم ٢٤٤٢٥، والحاكم مختصرا في المستدرك ٢١٨/ ٤ برقم ٧٤٢٦، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد ٢٤٢/ ٩.
(٢) صحيح البخاري كتاب الجهاد والسير برقم ٢٨٨٠، وكتاب المناقب برقم ٣٨١١، وكتاب المغازي برقم ٤٠٦٠، وصحيح الإمام مسلم كتاب الجهاد والسير برقم ١٨١١.
(٣) أخرج البخاري عن عروة بن الزير أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرته ان النكاح في =

<<  <   >  >>