للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصوت، يعلو صوتها كثيرا، كأنه صوت امرأة جليلة)) (١) وخطبها التي ذكرناها عند ذكر وقعة الجمل تدلنا على قوتها في البيان ووفور عاطفتها ورصانة أسلوبها ورسوخ كلماتها.

[الشعر]

كان الشعر هو رأس مال العرب كله في مجال العلم قبل بزوغ شمس الإسلام، وكان له دور بارز ملموس في المجتمع العربي، يقوم الشاعر العربي وينفخ روحا جديدة في الأقوام الميتة روحيا وفكريا، ببلاغته وفصاحته وقوة حجته، كما أنه كان يستخدم هذا الجوهر الثمين فيرفع به أقواما ويضع به آخرين، ولما كانت النساء شقائق الرجال فقد شاركنهم في هذا الصنف الأدبي العظيم، وشعرهن يباري شعر الرجال في جودته وسعة أغراضه وجزالته، وما دام المسلمون محتفظين بجوهر اللغة العربية قبل الإسلام وبعده بقرن كانت هناك مئات من الشاعرات والأديبات التي كان أدبهن الشعري زينة للشعر العربي.

ولدت عائشة (ض) في هذا العصر، وكانت بنت الصديق أعلم رجالات قريش بأيام العرب وأنسابها وأخبارها، وقد مر معنا تنويه عروة وإشادته بهذه الحقيقة عندما قال لعائشة (ض): ((وأجدك عالمة بأيام العرب وأنسابها وأشعارها، فقلت: وما يمنعها وهي ابنة علامة قريش)) (٢).

وروى الإمام البخاري في الأدب المفرد عن عروة عن عائشة (ض) أنها كانت تقول: ((الشعر منه حسن ومنه قبيح، خذ بالحسن ودع القبيح، ولقد رويت من شعر كعب بن مالك أشعارا منها، القصيدة فيها أربعون بيتا، ودون ذلك)) (٣).

وسألها شريح: أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتمثل بشيء من الشعر؟ فقالت: ((كان يتمثل بشيء من شعر عبد الله بن رواحة: ((ويأتيك بالأخبار من لم تزود))) (٤).


(١) تاريخ الطبري ١٥/ ٣.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) الأدب المفرد للبخاري ٢٩٩/ ١ برقم ٨٦٦.
(٤) أخرجه البخاري في الأدب المفرد ١/ ٣٠٠ برقم ٨٦٧، وقد أخرجه الترمذي في سننه =

<<  <   >  >>