للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونظرا إلى هذا الذوق العالي الرفيع للشعر لدى عائشة (ض) كان الشعراء يعرضون عليها قصائدهم، وهذا حسان بن ثابت (ض) الذي كان معلم الشعراء في الأنصار دون منازع، رغم سخط عائشة (ض) عليه لكونه خاض في الإفك، كان يدخل عليها وينشدها شعرا (١)، وكانت تكره أن يسب عندها، بل كانت تمدحه، وتذكره بالخير. يقول عروة: ذهبت أسب حسان عند عائشة، فقالت: ((لا تسبه، فإنه كان ينافح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)) (٢)، كما أنها كانت تذكر شعراء النبي - صلى الله عليه وسلم - الآخرين مثل كعب بن مالك، وعبد الله بن رواحة (ض) أجمعين.

روى أبو هريرة (ض) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ((لأن يمتلىء جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتليء شعرا)) (٣) وبما أن هذا الحديث فيه ذم للشعر فقال بعض الرواة: إن عائشة (ض) لما سمعت بحديث أبي هريرة (ض) قالت: يرحم الله أبا هريرة لم يحفظ الحديث، إنما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأن يمتليء جوف أحدكم قيحا ودما خير له من أن يمتلئ شعرا هجيت به)) (٤) وهي رواية الكلبي، وهو


(١) صحيح البخاري كتاب المغازي برقم ٤١٤٦.
(٢) صحيح البخاري كتاب المناقب برقم ٣٥٣١، كتاب المغازي برقم٤١٤٥، ٤١٤٦، كتاب الأدب برقم ٦١٥٠ صحيح مسلم كتاب فضائل الصحابة برقم ٢٤٨٢.
(٣) صحيح البخاري كتاب الأدب برقم ٦١٥٥، وصحيح مسلم كتاب الشعر برقم ٢٢٥٧، وابن حبان في صحيحه ٩٣/ ١٣ برقم ٥٧٧٧، والترمذي في سننه كتاب الأدب برقم ٢٨٥١، وأبو داود في سننه كتاب الأدب باب ما جاء في الشعر برقم ٥٠٠٩، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٢٩٦/ ٤.
(٤) ذكره الإمام بدر الدين الزركشي عن أبي عروبة بسنده عن الكلبي عن أبي صالح عن
أبي هريرة (ض)، (الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة ص ١٣٦) وعنه السيوطي في ((عين الإصابة ص ٣٠٨)).
قلت: وقد ذكر هذه الزيادة الإمام الطحاوي (ح) في شرح معاني الآثار ٢٩٦/ ٤ باختلاف يسير في الألفاظ من حديث أبي هريرة (ض) مرفوعا، وكذلك عن الشعبي
عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - مرسلا، كما أورده الهيثمي في مجمع الزوائد ٨/ ١٢٠ وأبو يعلى في
مسنده ٤٧/ ٤، قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: ((في مسند أبي يعلى راو لا يعرف،
وأخرج الطحاوي، وابن عدي من رواية الكلبي عن أبي صالح عن أبي هريرة ... =

<<  <   >  >>