للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والصيام إلا أن معظمها يتعلق بأحكام النساء والعلاقات الزوجية، وأسلوبها في تبليغ هذه الأحكام وفي خطاب بناتها وبنيها من المسترشدات والمسترشدين هو أسلوب التعليم، ولم يكن في مقدورها أن تتوخى أسلوبا غير هذا الأسلوب، ولو عرضت لأخص الأمور التي تسكت عنها النساء، لأنها المرجع الذي لا يغني عنه مرجع في سنن النبي - صلى الله عليه وسلم - ومأثوراته وأعماله. فهي التي أفصحت عن كل فتوى نسوية سئلت عنها.

وكما قال الإمام ابن حزم، والإمام ابن القيم رحمهما الله: إن فتاواها إذا جمعت كانت مجلدا ضخما كبيرا. وكيف لا وقد كان هناك حشد من الناس رجالا ونساء يقدمون إليها من العراق (١)، والشام (٢)، ومصر (٣) يستفتونها في أمور دينهم ويقتنعون بأجوبتها.

بل كان الناس يتقربون إلى أولئك الذين يخدمونها ويلازمونها، فقد كانت عائشة بنت طلحة (ض) واحدة من الملازمين لها والمتشرفين بخدمتها، تقول: كان الناس يأتونها من كل مصر، فكان الشيوخ ينتأبوني لمكاني منها، وكان الشباب يتأخوني، فيهدون إلي ويكتبون إلي من الأمصار، فأقول لعائشة: يا خالة هذا كتاب فلان وهديته، فتقول لي عائشة: ((أي بنية فأجيبيه وأثيبيه)) (٤).

ورغم كل هذا الفضل والاطلاع الواسع والمعرفة الجليلة لو عرض عليها مسألة لم يكن عندها علم بها، أو وجدت أحدا غيرها هو أحسن إجابة عنها، فإنها تأمر المستفتي أن يذهب إليه، عن شريح بن هانيء قال: أتيت عائشة أسألها عن المسح على الخفين فقالت: ((عليك بابن أبي طالب، فسله، فإنه كان يسافر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ..)) (٥).


(١) مسند الإمام أحمد بن حنبل ٩٣/ ٦ برقم ٢٤٦٦٧.
(٢) مسند الإمام أحمد بن حنبل ١٧٣/ ٦ برقم ٢٥٤٤٦ و ٩٥/ ٦ برقم ٢٤٦٨٥.
(٣) مسند الإمام أحمد بن حنبل ٦/ ٢٥٨ برقم ٢٦٢٥٥.
(٤) الأدب المفرد للإمام البخاري ١/ ٣٨٢ برقم ١١١٨.
(٥) صحيح الإمام مسلم باب التوقيت في المسح على الخفين برقم ٢٧٦، وسنن البيهقي =

<<  <   >  >>