للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طلقها ثلاثا لم يبق أي أمل في رجوعها، ولذا انعدمت علة السكنى في بيت الزوج، فعلم أن الحكم متعلق بالطلاق الرجعي لا البائن، لكن في هذا الاستدلال نظر، لأن الإقامة في بيت الزوح إلى انقضاء العدة بأمل إيجاد الصلح بينهما وترك الفرصة الكافية لإعادة الصفاء بين الزوجين بعد أن تهدأ أعصاب كل منهما، ويريان نتيجة الانفصال وآثاره السيئة على حياتهما فلعلهما يعودان عن الخصام والنزاع ويعود الهدوء والحب إلى جو الأسرة، ليس هذا هو السبب الكلي فقط، وإنما هناك حكم ومصالح أخرى غير ذلك، ومنها أن المرأة تنتظر لتبرئة الرحم من الحمل، ولا يمكنها أن تتزوح إلا بعد انقضاء عدتها لكي يتحقق أن رحمها خال من أي حمل، ولا شك أن هذا الانتظار كان من أجل الزوح، وبالتالي فهو الذي يتحمل نفقتها وسكناها، وهذا هو الأمر الذي دفع عائشة (ض) إلى مخالفتها لاستدلال فاطمة بنت قيس بقصتها على جواز الانتقال من بيت الزوج، فقالت: ((ما لفاطمة بنت قيس خير في أن تذكر هذا الحديث)) (١) وفي رواية البخاري: ((أما أنه ليس لها خير في ذكر هذا الحديث)) وقالت: ((إن فاطمة كانت في مكان وحش فخيف على ناحيتها فلذلك أرخص لها النبي - صلى الله عليه وسلم - (٢)، ولما حدثت نفس الواقعة في عهد مروان أرسلت عائشة إلى مروان بن الحكم وهو أمير المدينة: اتق الله وارددها إلى بيتها (٣).

كما ورد في بعض الروايات أن فاطمة بنت قيس كانت امرأة فتنت الناس، إنها كانت لسنة، فوضعت على يدي ابن أم مكتوم الأعمى)) (٤).

١٤ - إن المتوفى عنها زوجها تمكث مدة أربعة أشهر وعشرا، ولا تخرج من بيتها، فاستنبط منه بعض العلماء أنها لو كانت مع زوجها تعتد حيث مات


(١) صحيح مسلم كتاب الطلاق برقم ١٤٨١.
(٢) صحيح البخاري باب قصة فاطمة بنت قيس برقم ٥٣٢٦.
(٣) صحيح البخاري باب قصة فاطمة بنت قيس برقم ٥٣٢٢.
(٤) سنن أبي داود كتاب الطلاق برقم ٢٢٩٦، السنن الكبرى للبيهقي ٤٣٣/ ٧ برقم ١٥٢٧٠، المصنف لعبد الرزاق ٢٨٤/ ٢ برقم ٤١٧٤ و ٢٦/ ٧ برقم ١٢٠٣٨.

<<  <   >  >>