للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جانب آخر وهو أن الشخصيات البارزة ذات الأهمية والمكانة العالية كما توجد لديهم مواهب خاصة واستعدادات غير عادية لتطوير وتنمية القوى الذهنية والفكرية، كذلك يتوافر فيهن استعداد كامل للنشأة والنضج المبكر من حيث الجسم، وذلك ما يعبر عنه في الإنجليزية ب << Precocious>> (يعني النشوء المبكر أو النضج المبكر) وعلى كل فإن موافقته - صلى الله عليه وسلم - على زواجه منها في هذه السن المبكرة فيها دليل صريح وقاطع على ما كانت تتمتع به عائشة منذ صباها من غاية الذكاء المتوقد وجودة القريحة وقوة التفكير العالية والبديهة الواعية، وبراعة في الاستنتاج والاستنباط.

وها هي الصحابية أم عطية (ض) تحكي لنا قصة زواجها من الرسول - صلى الله عليه وسلم - بكل بساطة وتواضع، تقول: ((خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عائشة بنت أبي بكر، وهي صبية، فأتتها حاضنتها وهي تلعب، فأخذت بيدها، فانطلقت بها إلى البيت، فأصلحتها، وأخذت معها حجابا فزوجها أبو بكر (١) إياه)) هكذا تم حفل زفاف سيدة نساء العالمين بكل تواضع وبأقصى درجات البساطة، ومما لا شك فيه أن فيه أسوة حسنة وقدوة طيبة لسائر البنات المسلمات، وفيه عبرة وعظة لأولئك الذين جعلوا الزواج في عصرنا الراهن من المشكلات، وأصبح رمزا للإسراف والتبذير، والإنفاق في اتباع الهوى وإرضاء الرغبات والشهوات، ومعلما للطقوس والتقاليد والعادات التي تعارض مبادئ الإسلام وديننا الحنيف.

أفلم يكن زواج الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ تكذيبا عمليا لما اختلقه الناس وابتدعوه في حفلات زواجهم؟ واسمعوا إلى قول أم المؤمنين عاشة (ض): ((فما دريت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوجني، حتى أخذتني أمي فحبستني في البيت عن الخروج، فوقع في نفسي أني تزوجت، فما سألتها حتى كانت أمي هي التي أخبرتني)) (٢).

[مهر عائشة (ض)]

ويتبين من روايتي الإمام ابن سعد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد دفع إلى عائشة (ض)


(١) طبقات ابن سعد الكبرى ٨/ ٥٩.
(٢) الطبقات الكبرى لابن سعد ٨/ ٥٨، المعجم الكبير للطبراني ٢٣/ ٢٥.

<<  <   >  >>