للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يا رسول الله ما يمنعك أن تبني بأهلك؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الصداق، فأعطاه أبو بكر اثنتي عشرة أوقية ونشا، فبعث بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عائشة، (١). وفي هذا عبرة وعظة للذين يتساهلون في أداء المهور، هع أنه حق ثابت للمرأة، وألزم الله سبحانه وتعالى الزوج أن يقدمه لزوجته تعبيرا عن تقديره لها.

كانت علاقة أم المؤمتين عائشة (ض) بالمدينة المنورة علاقة المصاهرة، وها هي تصف لنا بنفسها قصة زفافها وبناء الرسول - صلى الله عليه وسلم - بها، فتقول: ((تزوجني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لست سنين، وبنى بي وأنا بنت تسع سنين، قالت: فقدمنا المدينة ...... فأتتني أم رومان وأنا على أرجوحة، ومعي صواحبي، فصرخت بي فأتيتها، وما أدري ما تريد بي، فأخذت بيدي، فأوقفتني على الباب، فقلت: هه، هه، حتى ذهب نفسي، فأدخلتني بيتا، فإذا نسوة من الأنصار، فقلن: على الخير والبركة، وعلى خير طائر، فأسلمتني إليهن، فغسلن رأسي، وأصلحنني، فلم يرعني إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضحى، فأسلمتني إليه)) (٢).

وهذه أسماء بنت يزيد إحدى صديقات عائشة - صلى الله عليه وسلم - تحكي لنا عما قدم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أنواع القرى عند حفل الزفاف، تقول: كنت صاحبة عائشة التي هيأتها وأدخلتها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قالت: فوالله ما وجدنا عنده قرى إلا قدحا من لبن، قالت: فشرب منه، ثم ناوله عائشة، فاستحيت الجارية، فقلنا: لا تردي يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، خذي منه، فأخذته على حياء، فشربت منه، ثم قال: ناولي صواحبك، فقلنا: لا نشتهيه، فقال: لا تجمعن جوعا وكذبا، قالت: فقلت: يا رسول الله إن قالت إحدانا لشيء تشتهيه: لا أشتهيه، يعد ذلك


(١) أخرجه مفصلا الطبراني في الكبير ٢٥/ ٢٣ برقم ٦٠، ط: مكتبة العلوم والحكم، والإمام ابن عبد البر في الاستيعاب ١٩٣٧/ ٤، وابن سعد في الطبقات الكبرى ٦٣/ ٨.
(٢) أخرجه الإمام البخاري في صحيحه كتاب المناقب برقم ٣٨٩٤، والإمام مسلم في صحيحه كتاب النكاح برقم ١٤٢٢، وأبو داود في سننه كتاب الأدب برقم ٤٩٣٣، وابن ماجه في سننه كتاب النكاح برقم ١٨٧٦، والدارمي في سننه كتاب النكاح برقم ٢٢٦١.

<<  <   >  >>