للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

((تنكح المرأة لأربع، لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك)) (١). وبالتالي فأحب نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - هي: من تكون أنفع لخدمة الدين ونشر الإسلام من غيرها.

والشيء الذي يميز أم المؤمنين عائشة (ض) على غيرها من أمهات المؤمنين هو بلوغ علمها ذروة الإحاطة والنضج في كل ما اتصل بالدين من قرآن وتفسير وحديث وفقه، والنضج في الاجتهاد، والنظر في دقائق المسائل، واستنباط الأحكام للوقائع الجديدة، والاضطلاع فيه، فكان من الطبيعي أن تكون هي أحب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غيرها.

وقد فصل القول في هذا الموضوع العلامة ابن حزم (ح) في كتابه ((الفصل في الملل والأهواء والنحل)) (٢) وأثبت ذلك بالدلائل القاطعة.

روى أصحاب الكتب الستة عن أبي موسى الأشعري (ض) أن رسول الله. قال: ((كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء غير مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد


(١) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الرضاع برقم ١٤٦٦، والبخاري في صحيحه كتاب النكاح برقم ٥٠٩٠، والترمذي في كتاب النكاح برقم ١٠٨٦، وأبو داود في سننه كتاب النكاح برقم ٢٠٤٧.
(٢) قال الإمام ابن حزم (ح) بعدما فصل القول في تفضيل أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - جميعهن على جميع الصحابة الآخرين، وأثبت ذلك بأدلة من الكتاب والسنة ثم قال: فإذ قد ثبت كل ذلك على رغم الآبي فقد وجب ضرورة أن يشهد لهن كلهن بأنهن أفضل من جميع الخلق كلهن بعد الملائكة والنبيين عليهم السلام، وكيف ومعنا نص النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أنس بن مالك قال: قيل: يا رسول الله من أحب الناس إليك؟ قال: عائشة،
قال: من الرجال؟ قال: أبوها ... وقد قال الله عز وجل عنه - صلى الله عليه وسلم -: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (*) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} فصح أن كلامه - صلى الله عليه وسلم - أنها أحب الناس إليه، وحي أوحاه الله تعالى إليه ليكون كذلك، ويخبر بذلك لا عن هوى له، ومن ظن ذلك فقد كذب الله تعالى، لكن لاستحقاقها لذلك الفضل في الدين، والتقدم فيه على جميع الناس الموجب لأن يحبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثر من محبته لجميع الناس، فقد فضلها على أبيها وعلى عمر وعلي وفاطمة تفضيلا ظاهرا بلا شك. (انظر: الفصل في الملل والأهواء والنحل ١١٩/ ٣ - ١١٨).

<<  <   >  >>