للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[غيرتها على خديجة ونماذج من تدللها]

كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يذكر أم المؤمنين خديجة (ض) كثيرا، نظرا للمقام الرفيع الذي كانت تحتله في قلب الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولم يعرف أنه حزن على أحد قط أشد من حزنه عليها، ولا أطال الذكرى لأحد قط بعد وفاته كما أطال ذكرها، وسمى عام وفاتها عام الحزن، لأن الحزن لم يفارقه طوال أيامه وإن سكنت سورته مع الأيام كما تسكن كل سورة لاعجة مع ذلك العزم الصادق والقلب الصبور.

وذات مرة كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يذكرها فقالت عائشة: ((كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة، فيقول: إنها كانت وكانت، وكان لي منها ولد)) (١).

وفي رواية عند أحمد قالت عائشة (ض): ((كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا ذكر خديجة أثنى عليها فأحسن الثناء، قالت: فغرت يوما فقلت: ما أكثر ما تذكرها حمراء الشدق، قد أبدلك الله عز وجل بها خيرا منها، قال: ما أبدلني الله عز وجل خيرا منها، قد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقتي الله عز وجل ولدها، إذ حرمني أولاد النساء)) (٢).

وأصيبت عائشة (ض) مرة بالصدع في رأسها فقالت: وارأساه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: بل أنا وارأساه - فكان ذلك ابتداء الوجع الذي توفي فيه - ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما ضرك لو مت قبلي فغسلتك وكفنتك وصليت عليك ودفنتك، قالت: لكني أو لكأني والله لو فعلت ذلك لقد رجعت إلى بيتي فأعرست فيه ببعض نسائك، قالت: فتبسم النبي - صلى الله عليه وسلم - (٣).


(١) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب المناقب برقم ٣٨١٨.
(٢) أخرجه أحمد في مسنده ١١٧/ ٦ برقم ٢٤٩٠٨، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد ٢٢٤/ ٩، والطبراني في الكبير ١٣/ ٢٣ برقم ٢٢.
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب المرضى برقم (٥٦٦٦) جزءا من الحديث، وأحمد واللفظ له ٢٢٨/ ٦ برقم ٢٥٩٥٠، وابن حبان في صحيحه ١٤/ ٥٥١ برقم ٦٥٨٦، والبيهقي في السنن الكبرى ٣٩٦/ ٣ برقم ٥٤٥١، والنسائي في السنن الكبرى ٤/ ٢٥٢ برقم ٧٠٧٩.

<<  <   >  >>