للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المؤمنين خديجة (ض)، وكان لها مكانة رفيعة في قلبه - صلى الله عليه وسلم -، وكان دائما يذكرها بالخير عند عائشة (ض) - رغم أنها انتقلت إلى رحمة الله تعالى قبل زواجه - صلى الله عليه وسلم - بعائشة (ض) - فكانت تغار عليها غيرة لم تنطو على مثلها لشريكاتها اللواتي يعشن معها، لأنها شغلت قلب النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد وفاتها، فلم يزل يذكرها ويحب لحبها من كان يزورها أو يراها، وكان شديد الكلف بها والتطلع إليها، تقول عائشة (ض): ((ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة، هلكت قبل أن يتوزجني، لما كنت أسمعه يذكرها، وأمره الله أن يبشرها ببيت من قصب، وإن كان ليذبح الشاة فيهدي في خلائلها منها ما يسعهن)) (١).

وكل ما سجلته لنا كتب الأحاديث من مآثر وخدمات أم المؤمنين خديجة (ض) الدينية والدعوية؛ من مواساتها للنبي - صلى الله عليه وسلم - ومساعدتها له ومؤازرتها إياه، كل ذلك مروي عن طريق عائشة (ض).

٢ - سودة (ض): وقد تزوج الرسول - صلى الله عليه وسلم - عائشة وسودة في الوقت نفسه تقريبا، بفارق يسير من التقديم والتأخير، إلا أن دخوله بعائشة (ض) قد تأخر إلى ما بعد الهجرة، حيث إنها بقيت في بيت أمها بمكة لمدة ثلاث سنوات ونصف سنة تقريبا، وفي هذه الفترة (فترة تأخير بنائه بعائشة) كانت سودة (ض) هي الزوجة الوحيدة للنبي - صلى الله عليه وسلم -. فلما بنى الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعائشة (ض) في سنة ١هـ كانت سودة (ضرتها) موجودة، وكان من المتوقع أن تكون هذه الفترة فترة المنافسة بينهما، ونيل الحقوق دون مشاركة غيرها، إلا أن الواقع يثبت عكس ذلك كليا، فكل ما حدث في هذه الفترة يدل على وحدتهما ومودتهما وإخلاصهما ووفائهما، بل كانت سودة (ض) صديقة لعائشة ورفيقتها في الأمور المنزلية (٢)،


(١) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب المناقب بأرقام ٣٨١٦، ٣٨١٧، ٣٨١٨، وكتاب النكاح برقم ٥٢٢٩، ومسلم في صحيحه كتاب فضائل الصحابة برقم ٢٤٣٥، والترمذي في سننه كتاب البر والصلة برقم ٢٠١٧، وكتاب المناقب برقم ٣٨٧٥،
وابن ماجه في سننه كتاب النكاح برقم ١٩٩٧. [هلكت: ماتت].
(٢) انظر: صحيح البخاري كتاب الطلاق رقم ٥٢٦٨ قصة العسل، وفيها: قالت عائشة: فقلت لسودة بنت زمعة: إنه سيدنو منك، فإذا دنا منك فقولي: أكلت مغافير ... الحديث.

<<  <   >  >>