للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما كان النصب هو الغالبَ عليها، حملوا الرفع والجر عليه، فاعرفه.

فصل ["الآن", و"متي", و"أين", و"أيّان" و"لمّا"]

قال صاحب الكتاب: ومنها "الآن" وهو للزمان الذي يقع فيه كلام المتكلم. وقد وقعت في أول أحوالها بالألف واللام، وهي علة بنائها, و"متى" و"أين", وهما يتضمنان معنى الاستفهام ومعنى الشرط، تقول: "متى كان ذاك؟ " و"متى تأتني أكرمك" و"أين كنت؟ " و"أين تجلس أجلس". ويتصل بهما "ما" المزيدة فتزيدهما إبهاماً. والفصل بين "متى" و"إذا" أن "متى" للوقت المبهم, و"إذا" للمعين. و"أيان" بمعنى "متى" إذا استفهم بها, و"لما" في قولك: "لما جئتَ جئتُ" بمعني "حين".

* * *

قال الشارح: "الآنَ" ظرف من ظروف الزمان معناه الزمنُ الحاضرُ، وهو الذي يقع فيه كلامُ المتكلم الفاصلُ بين ما مضى، وما هو آتٍ. وهو مبني على الفتح. وفي علّةِ بنائه إشكال، فذهب قوم إلى أنه بُني؛ لأنه وقع في أول أحواله معرفة بالألف واللام، وحكمُ الأسماء أن تكون منكورةً شائعةً في الجنس، ثم يدخل عليها ما يعرفها من إضافة وألف ولام، فلما خالفت أخواتِها من الأسماء، بأنْ وقعت معرفة في أول أحوالها, ولزمت موضعًا واحدًا، بُنيت لذلك؛ لأن لزومها بهذا الموضع، ألحقها بشَبَه الحروف. وذلك أنّ الحروف لازمة لمواضعها التي وُضعت لها غيرُ زائلة عنها. وهذا رأيُ أبي العباس المبرد، وإليه أشار صاحبُ الكتاب. وقال الفرّاء: أصله "آنَ" مِن "آنَ الشيء يَئِينُ"، إذا أنى وقتُه، يقال: "آنَ لك أن تفعل كذا"، و"أنى لك". قال الشاعر [من الوافر]:

٦٤٥ - تَمَخضَتِ المَنُونُ له بيَوْمٍ ... أَنَى ولكُل حامِلةٍ تَمامُ


= (ددا)؛ وبلا نسبة في الخصائص ١/ ٧٠؛ وشرح شواهد الإيضاح ص ٥٣٩؛ ولسان العرب ١٥/ ٤٧٧ (ها).
شرح المفردات: الحدوج: جمع حِدج وهو مركب من مراكب النساء. المالكية: امرأة من بني مالك.
الغدوة والغداة: ما بين الفجر وطلوع الشمس. الخلايا: جمع خلية وهي السفينة العظيمة. والسفين:
جمع سفينة. النواصف: جمع ناصفة وهي مجرى الماء في الوادي، أو موضع متسع منه. دد: موضع.
الإعراب: "كأن": حرف مشبه بالفعل. "حدوج": اسم "كأن" منصوب بالفتحة، وهو مضاف. "المالكية": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "غدوة": مفعول فيه ظرف زمان منصوب بالفتحة متعلق بـ "حدوج". "خلايا": خبر "كأن" مرفوع بضمة مقدرة على الألف للتعذّر، وهو مضاف "سفين": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "بالنواصف": جارّ ومجرور متعلّقان بحال محذوفة لـ"خلايا". "من دد": جارّ ومجرور معلّقان بصفة محذوفة للنواصل.
جملة "كأن حدوج .. خلايا": ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب.
والشاهد فيه قوله: "غدوة" حيث نصبها على الظرفية الزمانيّة، ونكّرها.
٦٤٥ - التخريج: البيت لعمرو بن حسان في حاشية يس ٢/ ٢٨٦؛ ولسان العرب ٥/ ١٣١ (كثر)، ٧/ =

<<  <  ج: ص:  >  >>