للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كـ"جَوْزَةٍ"، و"عَيْبَةٍ"، فإنّك تسكّن حرفَ العلّة منه، فتقول: "جَوْزاتٌ"، و"عَيْباتٌ"، قال الله تعالى: {ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ} (١)، وقال: {فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ} (٢)، ولا يحرّكون، فيقولوا: "جَوْزاتٌ"، و"بَيْضاتٌ" كما يقولون: "جَفْناتٌ"، و"تَمْراتٌ"، كأنهم كرهوا حركةَ حرف العلّة، وقبله مفتوحٌ، فيُقلبُ ألفًا، فيقال: "جازاتٌ"، و"باضاتٌ"، فيلتبس "فَعْلَةُ" ساكنةَ العين، بـ"فَعَلَةَ" مفتوحةَ العين، نحوِ: "دارَةٍ"، و"داراتٍ"، و"قامَةٍ"، و"قاماتٍ"، ومنهم من يقول: "جَوَزاتٌ"، و"بَيَضاتٌ"، فيفتح، ولا يقلب؛ لأنّ الفتحة عارضةٌ، كما لم يقلب الواو من {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى} (٣)، و {اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ} (٤)، وهي لغةٌ لهُذَيْلٍ. قال الشاعر [من الطويل]:

أخُو بَيَضاتٍ رائِحٌ مُتَأوِّبٌ ... رَفِيقٌ بمَسْحِ المَنْكِبَيْنِ سَبُوحُ

وذلك قليل، والأوّلُ عليه الكثيرُ.

وحكمُ المضمومِ الفاء والمكسورة في إسكان عينه، كحكم المفتوح، نحوُ: "دِيماتٍ"، و"دُولات" حملوه فيَ الإسكان على: "بيضات" و"عَوْرات"، فأمّا المعتلُّ اللام من نحو: "غَدْوَةٍ"، و"قَرْيَةٍ"، فإنّك تحرّك وتجري فيه على قياس الصحيح، نحوِ: "غَدَواتٍ"، و"قَرَياتٍ". لتحصُّن حرف العلّة عن القلب بوقُوع ألف الجمع بعده، إذ لو قلبتَه، لزمك حذفُ أحدهما لاجتماع الألفَين، وكان يلتبس بالواحد ممّا هو على "فَعَلَةَ" بتحريك العين من نحو: "قَناةٍ"، و"فتاة"، فاعرفه.

* * *

قال صاحب الكتاب: وتسكن في الصفة لا غير, وإنما حركوا في جمع "لجبة", و"ربعة"؛ لأنهما كأنهما في الأصل اسمان, وُصف بهما, كما قالوا: "امرأة كلبة", و"ليلة غم".

* * *

قال الشارح: قد تقدّم القول: إِنّ ما كان بوزن "فَعْلَةَ" صفةٌ، وجمعتَه بالألف والتاء، لم تُحرِّك وَسَطَهُ، بل تُسكِّنه فَرْقًا بين الصفة والاسم، نحوَ: "عَبْلاتٍ"، و"خَدْلاتٍ".

فأمّا قولهم: "لَجْبَةٌ"، و"لَجَباتٌ" بالتحريك، ففيه وجهان:

أحدُهما: أن من العرب من يقول: "شاةٌ لَجَبَةٌ"، بفتح الجيم بوزن "أكَمَةٍ"، وهي التي وَلَّى لبنُها وقَلَّ، وأجمعوا في الجمع على هذه اللغة.

والوجهُ الثاني: أنّ "لجبة" في الأصل اسمٌ، وُصف به، فرُوعِيَ أصلُه بأن حُرّك في الجمع، وكذلك: "رَبْعَةٌ" اسمٌ في الأصل، يدلّ على ذلك ثبوتُ تاء التأنيث فيه مع المذكّر، كثبوتها مع المؤنّث، فتقول: "رجلٌ رَبْعَةٌ"، كما تقول: "امرأةٌ رَبْعَةٌ"، فهو اسمٌ يقع على المذكّر والمؤنّث، وُصف به كما يُقال: "رجالٌ خمسةٌ"، و"خمسةٌ" اسمٌ، وُصف به المذكّر.


(١) النور: ٥٨.
(٢) الشورى: ٢٢
(٣) الجن:١٦.
(٤) البقرة: ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>