للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنّهم لمّا وصفوا به، أجروه مجرى الصفات في دخول تاء التأنيث للفرق، فقالوا: "رجلٌ أهْلٌ"، و"امرأةٌ أهْلَةٌ"، كما يقولون: "ضارِبٌ"، و"ضارِبَةٌ". قال الشاعر [من الطويل]:

٧٣٣ - وأهْلَةِ وُدٍّ قد تَبَرَّيْتُ وُدَّهُمْ ... وألبستُهمْ في الحَمْد جَهْدي ونائلي

ولمّا قالوا في المذكّر: "أهلٌ"، و"أهلون"، وفي المؤنّث "أهْلةٌ"، و"أَهلاتٌ"؛ أشبه "فَعْلَةَ" في الصفات، فجمعوه بالألف والتاء، وأسكنوا الثاني منه، فقالوا: "أهْلاتٌ"، كما فَعلوا ذلك بسائر الصفات من نحو: "صَعْباتٍ"، و"عَبْلاتٍ". ومن العرب من يقول: "أهَلاتٌ"، فيفتح الثاني، كما فتحوه في "أرَضاتٍ"؛ لأنه اسمٌ مثلُه، وإن أشبه الصفةَ. قال المُخبَّل السَّعْديّ [من الطويل]:

فهُمْ أهَلاتٌ حَوْلَ قَيْسِ بنِ عاصِمٍ ... إذا أدْلَجوا باللَّيلِ يَدعُون كَوْثَرَا (١)

فأمّا "عُرُساتٌ"، فهو جمع "عُرُسٍ"، و"عُرُسٌ" جمع " عَرُوسٍ"، و"العروس" صفةٌ تقع للذَّكَر والأنُثى.

وأمّا "عِيَراتٌ" فهو جمع "عِيرٍ"، وهي الإبلُ تحمل الطعام والمِيرة، وسيبويه (٢)


= والشاهد فيه قوله: أنَّ "أهلًا" ليست علمًا لمذكر عاقل ولا صفة له في هذا البيت، ومع ذلك جمعه جمع المذكر العاقل، وذلك لتنزيله هذه الوحوشَ الثلاثة منزلة الأهل الحقيقيين.
٧٣٣ - التخريج: البيت لأبي الطمحان القيني في خزانه الأدب ٨/ ٩١، ٩٢، ٩٣، ٩٨؛ ولسان العرب ١١/ ٢٨١ (أهل)؛ وبلا نسبة في إصلاح المنطق ص ١٥٤؛ والمحتسب ١/ ٢١٧.
اللغة: تبريَّت لمعروفه: إذا تعرّضُت لَه. أبليتهم: أوصلتهم، ومنحتهم، البلية بمعنى المنحة تارة، والمحنة أخرى. الجهد: الطاقة. والنائل والنوال: العطاء.
المعنى: ربّ أهل ود قد تعرّضت لهم حامدًا، ليعلموا أنّي أودهم، وبذلت لهم حمدي وشكري جهد طاقتي.
الإعراب: "وأهلة": الواو: واو رب. "أهلة": اسم مجرور لفظًا مرفوع محلًّا على أنَّه مبتدأ. "ودّ": مضاف إليه. "قد": حرف تحقيق. "تبرَّيْتُ": فعل ماضٍ مبني على السكون، والتاء: فاعل محله الرفع. "ودَّهم": مفعول به، و"هم": مضاف إليه محله الجر. "وألبستهم": الواو: حرف عطف، "ألبست": فعل ماضٍ مبني على السكون، والتاء: فاعل محله الرفع، و"هم": مفعول به محله النصب. "في الحمدِ": جارّ ومجرور متعلّقان بـ"ألبستهم". "جهدي": مفعول به منصوب بفتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، والياء: مضاف إليه. "ونائلي": الواو: حرف عطف، "نائلي": معطوف على "جهدي" منصوب مثله.
جملة "وأهلة ودّ قد تبرَّيت وُدَّهم": ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "تبرَّيتُ": خبر للمبتدأ "أهلة" محلها الرفع، وعطف عليها جملة "ألبستهم".
والشاهد فيه قوله: أنَّ "أهلًا" الوصف قد يُؤَنّثُ بالتاء، فيقال: أهلة. كما في البيت. و"أهلة" صفة لموصوف محذوف، والتقدير: وجماعة مستأهلة للود، أي مستحقة له.
(١) تقدم بالرقم ٧٣٠.
(٢) الكتاب ٣/ ٦٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>