للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قولك: "جاءني الذي عندك العاقلُ". وتقع أيضًا وصفًا للمعارف، نحو: "جاءني الرجل الذي عندك". وكلُّها مبهمة؛ لأنّها لا تخصّ مسمّى دون مسمّى، كما كانت أسماء الإشارة كذلك.

وأمّا الداخل عليه الألف واللام، فنحو: "الرجل"، و"الغلام"، إذا أردتَ واحدًا بعينه معهودًا بينك وبين المخاطب، كقول القائل: "لقيتُ رجلًا"، فيقول المخاطب: "وما فعل الرجلُ؟ " أي: المعهود بيني وبينك في الذِّكْر، أو تكون معه في حديثِ رجل، ثمّ يأتي ذلك الرجلُ، فتقول: "وَافَى الرجلُ"، أي: الذي كنّا في حديثه وذِكْرِه وافى. فلا بدّ في تعريف العَهْد من ثلاثةٍ: المذكور، والمتكلّمِ، والمخاطبِ.

وتكون اللام لتعريف الجنس، كقولك: "الدينارُ خيرٌ من الدرهم"، و"الرجلُ خيرٌ من المرأة" ولا تعني بقولك: "الدينار"، و"الرجل" شخصًا مخصوصًا تُفضِّله، وإنّما تريد الجنس أجمعَ، ويكشِف عن ذلك قوله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُواوَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} (١)، فالإنسان هنا عامٌّ يراد به جميعُ الآدمّين، بدليل استثناء الجمع منه؛ لأنّه إنّما يُستثنى الأقلُّ من الأكثر، ومحالٌ استثناء الأكثر من الأقلّ. وللألف واللام أقسامٌ تُذكَر في موضعها من الكتاب، إن شاء الله تعالى.

ومن الفرق بين تعريف العهد، وتعريف الجنس أنّ العهد لا بدّ فيه من تقديمِ مذكورٍ، ولذلك يحسن أن يقع موقعَه المضمرُ فتقول: "جاءني رجلٌ"، و"فعل الرجلُ" وإن شئتَ قلت: "وفعل" على إضماره لتقدُّم ذكره، وكذلك قوله تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} (٢)، لو كان كلامًا، لجاز أن يقال: "مَعَهُ" وليس كذلك الجنس، فاعرفه.

* * *

قال صاحب الكتاب: وأعرفها المضمر، ثم العلم، ثم المبهم، ثم الداخل عليه حرف التعريف, وأما المضاف فيعتبر أمره بما يضاف إليه. واعرف أنواع المضمر ضمير المتكلم، ثم المخاطب، ثم الغائب.

* * *

قال الشارح: اعلم أنّ المعارف، وإن اشتركت في أصل التعريف، فهي تَتفاوَت في ذلك، فبعضُها أعرفُ. فكلَّما كان الاسم أخصَّ، كان أعرفَ. وقد انقسموا في القول بأعرف المعارف بحسب انقسام المعارف، فقال قومٌ: أعرفُ المعارف المضمر، ثمّ الاسم العَلَم، ثمّ المبهم، ثم ما فيه الألف واللام. واحتجّوا بأنّ المضمر لا اشتراكَ فيه لتعيُّنه بما


(١) العصر: ٢ - ٣.
(٢) الشرح: ٥ - ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>