للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدُها: أنّ ذلك لم يطّرِد فيما كان مختصًّا بالمؤنّث، بل قد جاء أيضًا فيما يشترِك فيه الذكَرُ والأنثى، قالوا: "جملٌ بازلٌ"، و"ناقة بازل"، و"جمل ضامر"، و"ناقة ضامر". قال الأعشى [من السريع]:

٨٠٨ - عَهْدِي بها في الحَيّ قد سُرْبِلَت ... هَيْفَاءَ مِثلَ المُهْرَةِ الضامرِ

فإسقاط العلامة ممّا يشترك فيه القبيلان دليلٌ على فَسادِ ما ذهبوا إليه، وإن كان أكثرُ الحذف إنّما وقع فيما يختصّ بالمؤنّث.

الثاني: أنّه ينتقض ما ذهبوا إليه بقولهم: "مُرْضعَةٌ"، بإثبات التاء فيما يختصّ بالمؤنّث.

الثالث: أنّ التاء مُلْحَقٌ مع فعل المؤنّث، نحو: "حاضت المرأةُ"، و"طلُقت الجاريةُ"، ولو كان اختصاصُه بالمؤنّث يكفي فارقًا، لم يفترق الحالُ بين الصفة والفعل، فاعرفه.

[فصل [ما يستوي فيه المذكر والمؤنث]]

قال صاحب الكتاب: ويستوي المذكر والمؤنث في فعول ومفعال ومفعيل وفعيل بمعنى مفعول ما جرى على الاسم. تقول: "هذه المرأة قتيل بني فلان", و"مررت بقتيلهم". وقد يشبه به ما هو بمعنى فاعل، قال الله تعالى: {إن رحمة الله قريب من المحسنين} (١). وقالوا: "ملحفةٌ جديد".

* * *

قال الشارح: اعلم أنّ هذه الأمثلة من الصفات يستوي في سقوط التاء منها المذكّر


٨٠٨ - التخريج: البيت للأعشى في ديوانه ص ١٨٩؛ والدرر ٢/ ٢٩؛ وشرح شواهد الإيضاح ص ٤٠١؛ وشرح شواهد المغنى ٢/ ٩٠٣؛ وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص ٦٥٠؛ وهمع الهوامع ١/ ١٠٧.
اللغة: العَهْد: المعرفة. سُرْبلت: ألبسوها السربال.
المعثى: عرفتها وقد ألبسوها ثوبًا أبيض، تألقت به كتألق البياض على المهر الضامر.
الإعراب: "عهدي": مبتدأ مرفوع، والياء: في محلّ جر بالإضافة، وخبرها محذوف تقديره: حاصل أو قريب. "بها". جار ومجرور متعلقان بالخبر المحذوف. "فى الحي": جار ومجرور متعلّقان بحال محذوفة من الضمير في "بها". "قد": حرف تحقيق. "سربلت": فعل ماضٍ مبني للمجهول مبني على الفتح، والتاء: تاء التأنيث الساكنة لا محلّ لها من الإعراب، ونائب الفاعل ضمير مستتر جوازًا تقديره هي، وأصله مفعول به أول. "هيفاء": مفعول به ثان منصوب بالفتحة. "مثل": صفة منصوبة بالفتحة. "المهرة": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "الضامر": صفة المهرة مجرورة بالكسرة.
وجملة "عهدي بها": ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "قد سربلت": في محلّ نصب حال.
والشاهد فيه قوله: "المهرة الضامر" حيث وصف "المهرة" وهي أنثى بالضامر من غير أن يؤنث الصفة بتاء التأنيث، وذلك يدل على أن لفظ الضامر يقال على الذكر والأنثى بصيغة واحدة.
(١) الأعراف: ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>