للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثله "بِناءٌ حَصِينٌ"، و"امرأةٌ حَصانٌ"، والأصل واحدٌ، والمعنى واحدٌ، وهو "الحَرْزُ"؛ فالبناءُ يحرزُ من يكون فيه، ويلجَأ إليه؛ والمرأةُ تحرز فَرْجَها. فكذلك هذه النجومُ، اختصّت بهذه الأبنية التي هي "الدبران"، و"السماك"، و"العيّوق"، ولا يُطْلَق عليها (١) الدابر والعائق والسامك، وإن كانت بمعناها للفرق.

وممّا يجري هذا المجرى في لزوم الألف واللام أسماءُ الأيّام، نحو: "الثلاثاء"، و"الأربعاء"، بمعنى الثالث والرابع: واختصّا (٢) بهذا الزمان، كما اختصّ العيوقُ، وبابُه، فلا يقال لكل ثالثٍ ورابعٍ: "ثلاثاء" و"أربعاء"، فاعرفه.

* * *

قال صاحب الكتاب: "وما لم يُعرف باشتقاقٍ من هذا النوع فملحقٌ بما عُرف".

* * *

قال الشارح: يريد أنك لا تجد اسمًا يغلب على أُمَّته، وفيه اللامُ لازمة، إلَّا وهو مشتقٌ صفةً. فإن جاء اسمٌ عربىٌّ قد لزمته اللام، ولا يُعْرَف أصله الذي اشتُقّ منه، حكمت عليه بأنّه مشتقٌّ، حَمْلاً على ما ظهر من ذلك, لأنّ عدم اطّلاعنا على ذلك جهلٌ بما علِم غيرُنا.

* * *

قال صاحب الكتاب: "وغيرُ اللازم في نحو "الحارث", و"العباس" و"المظفَّر", و"الفضل", و"العلاء", وما كان صفة في أصله أو مصدرًا".

* * *

قال الشارح: هذه الأسماء، أعني "الحارث"، و"العبّاس"، وما كان مثلهما، تدخلهما اللامُ، ولا تلزم لزومَها في نحو "الدَّبَران" و"العَيّوق" والسِّماك" و"الصَّعِق"، وذلك أنّ تعريف نحوِ "الدبران" و"الصعق" وأخواتِهما، في الحقيمَة، باللام، فلو نُزعت منها، لتنكّرتْ، ولذلك لم يجز نَزْعُها منها. وأمّا "الحارث"، و"العَبّاس"، ونحوهما، فإنّ تعريفهما بالوضع والعلمية دون اللام؛ والذي يدل على ذلك قولُهم: "أبو عمرو بنُ العَلاء"، و"محمّدُ بنُ الحَسَنُ"، بطَرْح التنوين من "عمرٍو"، و"محمّدٍ"؛ وذلك لأنّ "ابْنًا" مضافٌ إلى العلم، فجرى مجرى "أبي عمرو بنِ بكرٍ"، ولو كان "العلاءُ" معرَّفًا باللام، لوجب إثباتُ التنوين، كما يثبت مع ما يُعرَّف باللام، نحوَ: "جاءني أبو عمرٍو ابنُ العَلاء". وإذا ثبت أنّها أعلامٌ، فهي غيرُ محتاجة في تعريفها إلى اللام، إلَّا أنّها لمّا كانت


(١) في الطبعتين: "عليه"، والتصحيح عن جدول التصحيحات الملحق بطبعة ليبزغ ص ٩٠٤.
(٢) في الطبعتين: "واختصّ"، والتصحيح عن جدول التصحيحات الملحق بطبعة ليبزغ ص ٩٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>