للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقالوا في "خَفَيْدَدٍ": "خُفَيْدٌ"، حذفوا الياء وإحدى الدالَيْن؛ لأنّهما زائدتان للإلحاق بـ "سَفَرْجَلٍ" والخُفيددُ: الخفيف من الظِّلْمان.

وقالوا في "مُقعَنسِسٍ": "قُعَيْسٌ"، بحذف الميم والنون، وإحدى السينَين؛ لأنّها زوائدُ للإلحاق بـ "مُحْرَنْجِم". وبنات الأربعة في ذلك بمنزلة الثلاثة، تحذف الزوائدَ حتى تصير على مثال "فُعَيْعِلٍ"، فتقول في "مُدَحْرِجٍ": "دُحَيْرِجٌ"، وفي "مُحْرَنْجِمٍ": "حُرَيْجِمٌ"، وفي "جُمْهُورٍ": "جُمَيْهِرٌ". ولا فرقَ في بنات الأربعة بين تصغير الترخيم وغيره، إلا أنّ ياء العوض لا تدخل تصغيرَ الترخيم، وتدخل غيرَه، فتقول: "دُحَيْرِيجٌ"، و"حُرَيجِيمٌ"، و"جُمَيْهِيرٌ"، ولا تقوله إذا كان مرخّمًا. وقال الفرّاء في هذا التصغير: إنّ العرب إنّما تفعل ذلك في الأسماء الأعلام، كما كان الترخيم في النداء كذلك، فعلى هذا لو صغّرنا "حارثًا"، أو"أسوَدَ" عَلَمَيْن، لقلنا: "حُرَيْثٌ"، و"سُوَيْدٌ" في الترخيم، ولو صغّرناهما قبل النقل والتسمية، لم نقل: إلا "حُوَيْرِثٌ"، و"أُسَيِّدُ". ولم يفرق أصحابُنا بين هذَيْن. وذكر في بعض الأمثال؛ "عَرَفَ حُمَيْقٌ جَمَلَهُ" (١)، يريد تصغير "أحمَقَ"، فاعرفه.

فصل [ما لا يُصَغَّر]

قال صاحب الكتاب: ومن الأسماء ما لا يصغر كالضمائر, و"أين", و"متى", و"حيث", و"عند", و"مع", و"غير", و"حسب", و"من", و"ما", و"أمس", و"غدٍ", و"أول من أمس", و"البارحة", و"أيام الأسبوع", والاسم الذي بمنزلة الفعل, لا تقول: "هو ضويربٌ زيدًا".

* * *

قال الشارح: اعلم أنّ من الأسماء ما لا يجوز تصغيرُه، كما لا يجوز وصفُه، فمن ذلك المضمرات، نحو: "أنا"، و"أَنْتَ"، و"هُوَ". فلا تقول في "أَنَا": "أُنَيّ"، وفي "نَحْنُ": "نُحَيْن"؛ وذلك لأمورٍ:

أحدُها أنّ المضمرات تجري مجرى الحروف في عدم قيامها بأنفسها وافتقارِها إلى غيرها، فلا تحقّر الحروف.


(١) ورد المثل في جمهرة الأمثال ٢/ ٥٠؛ وكتاب الأمثال ص ٢٩١؛ والمستقصى ٢/ ١٦٠؛ ومجمع الأمثال ٢/ ١٢.
أي: عرف هذا القَدر وإن كان أحمق. ويروى: "عرفَ حُميقًا جَمَله"، أي: إنّ جمله عرفه، فصال عليه. وبهذه الرواية يُضرب للرجل يأنس بالشَّيء حتى يهون عليه. وقيل: يُضرب لمن يستضعف إنسانًا ويولع به، فلا يزال يُؤذيه ويظلمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>