للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيما لحقته التاء من ذلك, فعند الخليل وسيبويه (١) لا فضل, وقال يونس (٢) في "ظبية", و"دمية", و"قنية": "ظبويٌّ", و"دُمويّ", و"قنويّ"، وكذلك بنات الواو كـ "غزوة", و"عروة" و"رشوة". وكان الخليل (٣) يعذره في بنات الياء دون بنات الواو.

* * *

قال الشارح: إذا كان الاسم على زَنة "فَعْلٍ" ساكنَ العين معتلَّ اللام بالياء، أو الواو، وليس في آخِره تاءٌ التأنيث، نحوَ: "غَزْوٍ"، و"نَحْوٍ"، و"ظَبْي"، و"رَمْيٍ"، فالنسبةُ إليه على لفظه من غيرِ تغيير، نحوَ: "غَزْويّ"، و"نَحْويّ"، و"ظَبْييّ"، و"رَمْييّ". لا خلافَ في ذلك؛ لأنّ ما قبلها ساكن، فهي لذلك في حكم الصحيح، تتصرّف بوجوه الإعراب قبل النسب، فلم تتغيّر كما لم يتغيّر الصحيحُ، وإذا جاز أن يُقال في "أُمَيَّةَ": "أُمَيِّيٌّ"، فيُجمَع بين أربع ياءات، كان ما نحن فيه أسهلَ؛ لأنّه لم يجتمع فيه إلا ثلاثُ ياءات.

فإن لحقت تاءُ التأنيث شيئًا من ذلك، نحوَ: "غَزْوَةٍ"، و"رَمْيَةٍ"، و"دُميَةٍ"، و"قِنْيَةٍ"، فالخليلُ وسيبويه يجريان في ذلك على قاعدةِ ما لا تاءَ فيه، فيقولان في "غَزْوَةٍ": "غَزْوي"، وفي "رَمْيَة": "رَمييّ"، وفي "دُمْيَةٍ": "دُمْييّ"، وفي "قِنْيَةٍ": " قِنييّ". وهو قياسٌ عندهما. وحكى يونس عن أبي عمرو مثلَ ذلك، وقالوا في بني جِرْوَةَ: "جِرْويّ"، وهو جِرْوةُ بن نَضلَةَ مكسورَ الجيم. وكان يونس يغيَّر ما فيه تاءُ التأنيث، فيفتح الحرف الساكن، وهو الثاني، فيقول في "ظَبْيَةٍ": "ظَبَويّ"، وفي "رَمْيَةٍ": "رَمَويّ"، وفي "قِنْيَةٍ": "قِنَويّ"، وقالوا في "عُرْوَةٍ": "عُرَويّ". لا فرقَ عنده بين ذوات الياء والواو.

وكان الزجاج يَميل إلى هذا القول، ويحتجّ بأنّ تاء التأنيث قوّةُ التغيير فيها. وأمّا يونس فلم يرد عنه احتجاجٌ لذلك. وكان الخليل يعذره في ذوات الياء، ويحتجّ له بأنه شبّه "فِعْلَةَ" بِـ"فَعْلَةَ" مكسورَ العين. قال (٤): لأن اللفظ "بِفَعلَةَ" و"فِعْلَةَ" إذا سكنت العين سواءٌ. والمراد بذلك أن "ظَبْيَةً"، كـ"ظَبِيَةٍ"، و"رَمْيَةً" كـ"رَمِيَةٍ"، و"قِنْيَةً" كـ"قِنِيَةٍ"، ثمّ أسكنوا للتخفيف، كما يُقال في "كَتِفٍ": "كَتْفٌ"، وفي "إبِلٍ": "إبْلٌ"، فصار لفظُ ما كان على "فَعِلَةَ" بكسر العين في الأصل بوزن "فَعْلَةَ" فَـ"عَمِيَة" على وزن لفظ "عَمْيَةٍ"، وَ"رَمِيَةٌ" على لفظ "رَمْيَةٍ" في الأصل بإسكان. فإذا نسبنا إلى ذلك، رددناه إلى الأصل؛ لأنّه بالحركة يُفِيدنا خفّةً. وذلك لأنّا إذا نسبنا إلى "عَمِيَةٍ"، و"قِنِيَةٍ"، وثوانيها مكسورةٌ، وجب فتحُها وقلبُ الياء واوًا بعد قلبها ألفًا على حد قولك في "عَمٍ": "عَمَويّ"، وفي "شَجٍ": "شَجَويّ". فيصير في اللفظ أخفَّ من "عَمَيِىِّ"، و"قِنَيِيِّ"، قال: وكذلك لو بنِتَ


(١) الكتاب ٣/ ٣٤٦، ٣٤٧.
(٢) الكتاب ٣/ ٣٤٧.
(٣) الكتاب ٣/ ٣٤٧.
(٤) الكتاب ٣/ ٣٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>