للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشارح: إذا نُسب الشيء إلى جمع، فهو على ضربَيْن: أحدهما أن يكون جمعًا صحيحًا مكسَّرًا عليه الواحدُ، والآخرُ أن يكون الجمع اسمًا لواحدٍ أو لجمع. فما كان من الأول ونسبتَ إليه من يلزَمه ويُمارِسه، فالبابُ أن تنسب إلى واحده، كرجلٍ يلزم المساجدَ، ويُكْثِر الاستعمال بالفرائض، والنظرَ في الصُّحُف، فإذا نسبت إلى شيء من ذلك؛ قيل فيه: "مَسْجِديّ"، و"فَرَضيّ"، و"صَحَفيّ". تردّها إلى "مَسْجِدٍ"، و"فَرِيضَةٍ"، و"صَحِيفَةٍ". وقالوا: "مِسْمَعيّ"، و"مُهَلَّبيّ" في النسبة إلى "المَسامِعة"، و"المَهالِبة"؛ لأنّه جمعٌ، والواحد مِسْمَعيّ ومُهَلَّبِيّ، فحذفتَ من الواحد ياء النسبة، ثمّ أحدثتَ ياءً للنسبة غيرَها على القاعدة. والمسامعةُ قومٌ نزلوا البصرةَ، فنُسبت إليهم المَحَلَّةُ، ومن المُحدِّثين المعروفين بها أبو يَعْلَى محمّد بن شَدّاد بن عيسى المسمعيّ، كان أحدَ المتكلّمين على مذهب العدل والتوحيد، والواحدُ من المسامعة "مِسْمَعيّ"، بكسر الميم الأولى، منسوبٌ إلى "مِسْمَعٍ"، ومنه قوله [من الطويل]:

٨٤٢ - [لَقَدْ عِلمَتْ أُولَى المُغِيرَةِ أنَّنِي] ... كَرَرْتُ ولم أنْكُلْ عن الضرب مِسْمَعَا

و"المَهالِبة" جمعُ "المُهَلَّبيّ"، و"المهلّبيّ" منسوب إلى المُهَلَّب بن أبي صُفْرَةَ أبي


٨٤٢ - التخريج: البيت للمرار الأسدي في ديوانه ص ٤٦٤؛ وشرح أبيات سيبويه ١/ ٦٠؛ والكتاب ١/ ١٩٣؛ وللمرار الأسدي أو لزغبة الباهلي في شرح شواهد الإيضاح ص ١٣٦؛ والمقاصد النحوية ٣/ ٤٠، ٥٠١؛ ولمالك بن زغبة في خزانة الأدب ٨/ ١٢٨، ١٢٩؛ والدرر ٥/ ٢٥٥؛ وبلا نسبة في شرح الأشموني ١/ ٢٠٢؛ واللمع ص ٢٧١؛ والمقتضب ١/ ١٤؛ وهمع الهوامع ٢/ ٩٣.
اللغة: أولى: أوّل. المغيرة: الخيل تخرج للغارة، وهنا الفرسان. أنكل: أنكص، أرجع من الخوف. مسمع: هو مسمع بن شيبان.
المعنى: لقد علم أوّل من لقيت من المغيرين أنّي هزمتهم، ولحقت عميدهم، فلم أتراجع عن ضربه بالسيف.
الإعراب: "لقد": اللام: رابطة لجواب القسم المحذوف، و"قد": حرف تحقيق. "علمت": فعل ماضٍ، والتاء: للتأنيث. "أولى": فاعل مرفوع، وهو مضاف. "المغيرة": مضاف إليه مجرور. "أنني": حرف مشبّه بالفعل، والنون: للوقاية، والياء: ضمير متصل مبني في محلّ نصب اسم "أنّ". "كررت": فعل ماضٍ، والتاء: ضمير متصل مبني في محلّ رفع فاعل. والمصدر المؤول من "أن" وما بعدها سدّ مسدّ مفعولي "علم". "ولم": الواو: حرف عطف، و"لم": حرف جزم. "أنكل": فعل مضارع مجزوم، وفاعله ضمير مستتر تقديره: أنا. "عن الضرب": جار ومجرور متعلّقان بـ"أنكل". "مسمعا": مفعول به للمصدر "الضرب".
وجملة القسم المحذوفة: ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "لقد علمت ... ": جواب القسم لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "كررت": في محل رفع خبر "أن". وجملة "لم أنكل": معطوفة على سابقتها.
والشاهد فيه قوله: "مِسمعا"، وهو مسمع بن شيبان الذي نُسب إليه المسامعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>