للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[اسم الفاعل]

[فصل [تعريفه]]

قال صاحب الكتاب: هو ما يجري على "يَفْعَلُ" من فعله كضارب، ومكرم، ومنطلق، ومستخرج، ومدحرج, ويعمل عمل الفعل في التقديم والتأخير والإظهار والإضمار، كقولك زيد ضارب غلامه عمراً، وهو عمراً مُكْرِمٌ، وهو ضارب زيد وعمراً، أي وضارب عمراً.

* * *

قال الشارح: اعلم أن اسم الفاعل الذي يعمل عمل الفعل هو الجاري مجرى الفعل في اللفظ والمعنى؛ أمّا اللفظُ فلأنه جار عيه في حركاته وسكَناته، ويطّرِد فيه، وذلك، نحو: "ضارب"، و"مُكْرِم"، و"منطلِق"، و"مستخرِج"، و"مُدَحْرِج"، كله جارٍ على فعله الذي هو"يضْرِب"، و"يُكْرِم"، و"ينطلِق"، و"يستخرِج"، و"يُدَحرِج". فإذا أريد به ما أنت فيه، وهو الحال أو الاستقبال. صار مثله من جهة اللفظ والمعنى، فجرى مجراه، وحُمل عليه في العمل، كما حمل فعلُ المضارع على الاسم في الإعراب لما بينهما من المُشاكلة، فاسم الفاعل إذا أريد به الحال أو الاستقبال، يعمل عمل الفعل إذا كان منوّنًا، أو فيه الألف واللام, لأنّ التنوين مانعٌ من الإضافة، والألفُ واللام تُعاقِب الإضافةَ، فتقول مع التنوين: "زيدٌ ضاربٌ غلامُه عمرًا غدًا"، فـ"زيد" مبتدأ، و"ضارب" الخبر، و"غلامه" مرتفع به ارتفاعَ الفعل، و"عمرًا" منصوب على أنّه مفعول؛ لأنّه جار مجرى "يضرِب غلامُه عمرًا". وتقول: "هذا الضارب زيدًا"، ففي "الضارب" ضميرٌ يرجع إلى مدلول الألف واللام, لأنها تدل على الذي، ولذلك كانت موصولة.

وقد يحذف التنوين من اسم الفاعل تخفيفًا، وإذا زال التنوين عاقَبَته الإضافةُ، والمعنى معنى ثباتِ التنوين، ولذلك لا يكون إلَّا نكرة. قال الله تعالى: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} (١)، فلو لم يُرِد به التنوين لم يكن صفة لـ"هَدْي"، وهو نكرة. ومن ذلك قوله تعالى: {هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} (٢) وصف "عارضًا" وهو نكرة بقوله: "ممطرنا". ومنه قوله


(١) المائدة: ٩٥.
(٢) الأحقاف: ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>