للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ذلك قولهم. "هن حَواجُّ بيتَ الله" جمع "حاجّة"، وفيه نيّة التنوين، وإنّما سقط لأنه لا ينصرف، فكأن ما فيه من أسبابِ منعِ الصرف بمنزلة التنوين، فلذلك نصب ما بعدها، كأنك قلت: "حَواجٌّ بيتَ الله"، ويجوز "حواجُّ بيتِ الله" بالخفض، ويُنْوَى سقوط التنوين للإضافة، لا لمنع الصرف.

وقالوا: "قُطّانٌ مكّةَ" حملوا "فُعّالًا" على "فَواعِلَ"؛ لأنّهما جميعًا جمعُ "فاعل" وإن كان الأوّل أكثرَ. وقد أعملوا جمعَ ما أُريد به المبالغة والتكثير كما أعملوا واحده، وكما أجروا "فَواعِلَ" مجرى "فاعل"، فقالوا: "هم غُفُرٌ ذَنبَ الجُناة، ومَهاوِينُ الأعداءَ"، أي: يغفرون ذنبَ الجناة، ويُهينون أعداءَهم. فأمّا قوله [من الرمل]:

ثمّ زادوا أنّهم ... إلخ

ويروى: "فُجُر" بالجيم، البيتُ لطَرَفَةَ، والشاهد فيه أنهم أجروا جمع "فَعُولٍ" وما كان للمبالغة في باب المتعدّي مجرى جمع "فاعل" في التعدّي، فـ "غُفُرٌ" جمع "غَفُورٍ"، وقد عدّوه إلى "ذنبهم" كما عدّوا "غفورًا" نفسَه، مدح قومَه بأن لهم فضلاً في الناس وزيادةً عليهم، وأنهم يغفرون ذنب المُذنِب إليهم، ولا يفخَرون بذلك سَترًا لمعروفهم، ومن روى "غيرُ فُجُر" بالجيم، فالمراد أتهم يَعِفّون عن الفواحش، والروايةُ الأُولى أصح. وأمّا قوله [من البسيط]:

شمّ مهاوين أبدانَ الجزور ... إلخ


= قرط في خزانة الأدب ١١/ ٨٦، ٨٧، ٨٨، ٩٠، ٩٢؛ والدرر ٦/ ١٢٢؛ وشرح التصريح ٢/ ١٤٦؛ وشرح شواهد المغني ١/ ١٨٦؛ وشرح عمدة الحافظ ص ٦٤٣؛ والمحتسب ١/ ٢٨٤، ٢/ ٣١٤؛ والمقاصد النحوية ٤/ ١٥٣؛ وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص ١٢٠؛ والجنى الداني ص ٥٣٣؛ وجواهر الأدب ص ٤١٤؛ ورصف المباني ص ١٠٢؛ وشرح الأشمونى ٢/ ٤٢٥؛ ومغني اللبيب ١/ ٥٩؛ وهمع الهوامع ٢/ ١٣٥.
اللغة: شالت نعامتها: أي هلكت. وأصل "شالت" بمعنى: رفعت.
المعنى: يتمنّى الشاعر الموت لأمّه غير مهتمّ بمصيرها، وسواء عنده أذهبت إلى الجنّة أو إلى النار.
الإعراب: "يا": حرف تنبيه. "ليتما": كافة ومكفوفة. "أمّنا": مبتدأ مرفوع، وهو مضاف، و"نا": ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. "شالت": فعل ماضٍ، والتاء للتانيث. "نعامتها": فاعل مرفوع، وهو مضاف، و"ها": ضمير متصل في محل جرّ بالإضافة. ورويت "أمَّنا": بالنصب، فعليه تكون "ليت عاملة"، و"أمّنا" اسمها، وجملة "شالت": في محل رفع خبر "ليت". "أيما": هي "إمّا" على لغة تميم، وهي حرف تقسيم. "إلى جنّة": جار ومجرور متعلقان بـ "شالت". "أيما": حرف عطف. "إلى نار": جار ومجرور متعلقان بـ "شالت".
وجملة "ليتما أمنا شالت": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "شالت نعامتها" في محلّ رفع خبر المبتدأ "أمّنا".
والشاهد فيه قوله: "أيما إلى نار" حيث تجرّد "أيما" الثانية من الواو، وهذا شاذ، وكذلك فتح همزتها مع قلب ميمها "ياء".

<<  <  ج: ص:  >  >>