للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و"الهندان أفضلكم"، و"الهندات أفضلكم"، والتثنيةُ والجمع إذا وقع على مثنّى أو مجموع، نحو قوله تعالى: {أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا} (١)، والمعنى بقولنا: "زيد أفضل منكم"، و"زيد أفضلُكم" واحدٌ، إلَّا إنّك إذا أتيت بـ "مِنْ"؛ فـ "زيدٌ" منفصل ممن فضلتَه عليه، وإذا أضفته، كان واحدًا منهم.

وإنّما جاز الأمران فيما أضيف, لأن الإضافة تُعاقِب الألف واللام، وتجري مجراها، فكما أنّك تؤنّث وتثنّي وتجمع مع الألف واللام، كذلك تفعل مع الإضافة التي هي بمنزلةِ ما فيه الألف واللام.

وأمّا علّة الإفراد، فلأنّك إذا أضفته، كان بعضَ ما تضيفه إليه، تقول: "حمارُك خير الحَمِير"؛ لأن الحمار بعض الحمير، ولو قلت: "حمارك أفضل الناس"، لم يجز؛ لأنّه ليس منهم, لأن الغرض تفضيل الشيء على جنسه، وإذا كان كذلك، فهو مضارع للبَعْض الذي يقع للمذكر والمؤنّث والتثنية والجمع بلفظ واحد، فلم يُثَنَّ، ولم يجمع، ولم يؤنّث كما أن البعض كذلك، فأمّا قوله [من الوافر]:

وميّة أحسن ... إلخ

فالشاهد فيه تذكير "أفعل" وإن كان جاريًا على مؤنّث، ألا ترى أنَّه قال: "أحسن الثقلين"، وهو خبرٌ عن "ميّة"؛ فأمّا الإفراد الراجع في قوله: "أحسنه قذالا"، وإن كان ما تقدّم تثنيةً في معنى جمع؛ فذلك من قبل أنّه موضعٌ يكثر فيه استعمالُ الواحد، كقولهم: "هو أحسنُ فَتى في الناس"، وإن كان الأصل الجمع، والواحدُ واقعٌ موقعه، فتُرك الأصل، فوجب الوضعُ على الإفراد، لأنّه ممّا يُؤْلَف، وعلى ذلك يقولون: "هو أحسن الرجال، وأجملُه".

واعلم أنّه متى أضيف "أفعل" على معنى "مِنْ"؛ فهو نكرة عند بعضهم، وعليه الكوفيون، وإذا أضيف على معنى اللام؛ فهو معرفة. وفي قول البصريين المتقدّمين إنّه معرفة على كل حال، إلَّا إذا أضيف إلى نكرة، والمتأخرون يجعلونه نكرة؛ لأن المضاف إليه مرفوع في المعنى، والأوّل القياس. مَيَّةُ: اسم امرأة يُشبّب بها. والثَّقَلان: الجِنّ والإنْس، والجِيد: العُنُق، والجَيَد: بالتحريك طول العنق وحُسْنُه، والسالفة: مُقدم العنق من لدن معلق القُرْط إلى الترْقُوَة، والقَذال: مُؤخر الرأس، وهو مَعْقِد العِذار من الفرس، يصف المرأة بحسن التفصيل، فاعرفه.

فصل [ما حُذفتْ منه "مِنْ" وهي مقدَّرة]

قال صاحب الكتاب: ومما حذفت منه "مِنْ", وهي مقدرة قوله عز وجل: {يعلم


(١) الأنعام: ١٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>