للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويؤيِّد عندك ذلك وُضوحًا أن ألف التأنيث إذا كانت رابعةً، تثبت في التكسير، نحو: "حُبْلَى"، و"حَبَالَى"؛ و"سَكْرَى"، و"سُكَارَى"؛ كما تثبت الراءُ في "حَوافِرَ"، والميمُ في "دَراهِمَ". وليست التاء كذلك، بل تُحْذَف في التكسير؛ نحو"طَلْحَةَ"، و"طِلاح"؛ و"جَفْنَةِ"، و"جِفَانٍ". فلمّا كانت الألف مختلطة بالاسم الاختلاطَ الذي ذكرناه، كانت لها مَزِيَّةٌ على التاء، فصارت مشاركتُها لها في التأنيث علَّة، ومزيّتُها عليها علّة أُخرى، كأنّه تأنيثان. فلذلك قال صاحب الكتاب: "متى اجتمع سببان أو تكرّر واحد". ويعبَّر عنها بأنّها علّةٌ تقوم مقامَ علّتَيْن، والفِقْهُ فيها ما ذكرناه.

فأمّا الألف الزائدة للإلحاق، نحو: "أرْطًى"، و"حَبَنْطًى"، وما أشبه ذلك من الأسماء المذكرة التي في آخرها ألفٌ زائدةٌ، فهي تنصرف في النكرة، نحو: "هذا أرْطى"، و"رأيت أرطًى"، و"مررت بأرطى". فتنوينُه دليل على تذكيره وصرفِه. فإن سمّيت به رجلًا، لم ينصرف للتعريف وشَبَهِ ألفِه بألف التأنيث، من حيثُ إنّها زائدةٌ، وإنها لا تدخل عليها تاءُ التأنيث؛ لأنّ العلمية تحظر الزيادةَ، كما تحظر النقصَ، فتقول: "هذا أرطَى مُقْبلًا"، من غير تنوين.

وقوله "لفظًا أو معنى" يريد باللفظ: أن يكون فيه علامةُ تأنيث في اللفظ، وإن لم يكن مسمّاه مؤئثا كـ "طلحةَ"، و"حمزةَ"، فإنّهما لا ينصرفان للتعريف ولفظِ التأنيث، وإن كان مسمَّى كل واحد منهما مذكرًا.

ويريد بالمعنى: أن يكون مسمّاه مؤنّثًا، وإن لم يكن فيه علامةُ تأنيث ظاهرةً، وإنمّا يقدَّر فيه علامةُ التأنيث تقديرًا، نحوَ: "هِنْدَ"، و"جُمَلَ"، و"سُعادَ"، و"زَيْنَبَ". والذي يدل أنّ علم التأنيث مقدَّرٌ أنَّه يظهر في التصغرِ؛ فتقول: "هُنَيْدَةُ"، و"جُمَيْلَةُ"، فتظهر التاءُ. فأمّا "زينب"، و"سعاد"، فإنّ تاء التأنيث لا تظهر في تصغيرهما, لأن الحرف الزائد على الثلاثة يتنزّل منزلةَ علم التأنيث. ولو سمّيت رجلًا بـ "زينب، وسعاد"، لم تصرفهما أيضًا، لغلبةِ التأنيث على الاسم، فكذلك لو سمّيته بـ "عَناق"، لكان حكمُه حكمَ "سعاد" في غلبة التأنيث، فلا ينصرف.

وأمّا وزن الفعل فهو من الأسباب المانعة للصرف. وهو فرعٌ, لأنّ البناء للفعل؛ إذ كان يخُصّه، أو يغلب عليه، فكان أوْلى به.

وجملةُ الأمر أن وزن الفعل على ثلاثة أضرب: وزنٌ يخصّ الفعلَ، لا يوجَد في الأسماء؛ وضربٌ يكون في الأفعال والأسماء، إلَّا أنّه في الأفعال أغلبُ؛ وضربٌ يكون فيهما من غير غلبةٍ لأحدهما على الآخر.

فالأولُ؛ نحوُ: "ضُرِبَ"، و"ضُورِبَ". فهذان بناءان يخصّان الأفعالَ, لأنّه بناءُ ما لم يسمَّ فاعلُه، فلا يكون مثلُه في الأسماء، وإنما جاء "دُئِلُ"، وهو اسم قبيلةِ أبي

<<  <  ج: ص:  >  >>