للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و"لَيسَ". فـ"كَانَ" مقدّمةٌ؛ لأنها أُمّ الأفعال لكثرة دَوْرها، وتشعُب مواضعها. و"أصبح"، و"أمسى"، أُختان؛ لأنهما متقابلان في طَرَفَي النهار. و"ظلَّ"، و"أضحى"، أُختان لاتفاقهما في المعنى، إذ كانا لصدر النهار. و"مَا دام"، و"ما زال"، و"ما انفك"، و"ما فَتِىءَ"، و"ما بَرِحَ" أخوات لانعقادها بما في أوّلها. و"بات"، و"صار" أُختان لاشتراكهما في الاعتلال. و"لَيْسَ" منفردةٌ؛ لأنها وحدها من بين سائر أخواتها لا تتصرّف، وأمّا "آضَ"، و"عَادَ"، فقد يجوز أن يلْحَقا بها، ويعملا عملَها، وذلك أنّ "آضَ" "يئِيضُ" بمعنَى "عَادَ" "يَعُودُ"، ومنه قولهم: "وَقَالَ أيْضًا". وقد يستعمل بمعنَى "صَارَ". قال زُهَيْر ذكر أرضًا قطعها [من الطويل]:

١٠٠٧ - قطعتُ إذا ما الآلُ آضَ كأنه ... سُيُوفْ تَنَحّى ساعَة ثُمَّ تَلْتَقِي

وأمّا "غَدَا" و"رَاحَ"، فقد يجريان هذا المجرى، فيقال: "غدا زيدٌ ماشِيًا"، و"راح محمّدٌ راكبًا"، يريد الإخبار عنهما بهذه الأحوال في هذه الأزمنة. فالغَدوَةُ: من حين صلاة الغداة إلى طلوع الشمس، والرّواحُ نقيضُ الغُدُوّ، وهو اسمٌ للوقت من بعد الزوال إلى الليل. والذي يدلّ أن المنصوب بهما في مذهب الخبر، وليس بحالٍ، وقوعُ المعرفة في نحوِ قولك: "غدا زيد أخاك"، و"راح محمّدٌ صديقَك"، كما تقول: "كان زيدٌ أخاك".

وأما قولهم: "ما جاءتْ حاجتَك "، فـ "جاء" فعلٌ استُعمل على ضربين: متعدّ، وغير متعدّ. تقول: "جاء زيد إلى عمرو"، و"جاء زيد عمرًا"، كما يقال: "لَقِيَ زيدٌ عمرًا"،


١٠٠٧ - التخريج: البيت لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص ٢٤٨؛ ولكعب بن زهير في لسان العرب ٧/ ١١٦ (أيض)؛ ولم أقع عليه في ديوان كعب.
اللغة والمعنى: آض: عاد، استحال، صار. الآل: السراب. تتنحى: تبتعد.
يصف رحلته التي قطعها في صحراء مهلكة آن السراب قد صار كالسيوف تلتمع وتخفى.
الإعراب: "قطعت": فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرّك، والتاء: ضمير متصل مبني في محلّ رفع فاعل. "إذا": ظرف لما يستقبل من الزمان مبني في محل نصب مفعول فيه متعلق بجواب الشرط. "ما": زائدة. "الآل": فاعل مرفوع بالضمة لفعل محذوف يفسره المذكور. "آض": فعل ماضٍ مبني على الفتح، وفاعله ضمير مستتر جوازًا تقديره "هو". "كأنه": حرف مشبّه بالفعل، والهاء: ضمير متصل مبني في محلّ نصب اسم "كان"."سيوف": خبر "كأن" مرفوع بالضمّة. "تنحى": فعل مضارع مرفوع بضمّة مقدّرة على الألف للتعذر، وفاعله ضمير مستتر جوازًا تقديره "هي". "ساعة": مفعول فيه ظرف زمان منصوب بالفتحة متعلق بالفعل "تنحى". "ثم": حرف عطف. "تلتقي": فعل مضارع مرفوعة بضمّة مقدّرة على الياء للثقل، وفاعله ضمير مستتر جوازًا تقديره "هي".
وجملة "قطعت": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "آض الآل": المقدّرة" في محل جرّ مضاف إليه. وجملة "آض": تفسيرية لا محل لها من الإعراب. وجملة "كأنه سيوف": في محلّ نصب حال. وجملة "تنحّى": في محلّ رفع صفة للسيوف، وعطف عليها جملة "تلتقي".
والشاهد فيه قوله: "الآل آض" حيث جاء الفعل "آض" بمعنى صار واستحال.

<<  <  ج: ص:  >  >>