للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما أُخّر المبتدأ، وحقّه أن يكون مقدّمًا لأمرَيْن: أحدُهما: أنّه لمّا تضمّن المدحَ العامّ أو الذّمّ، جرى مجرى حروف الاستفهام في دخولها لمعنى زائد. فكما أن حروف الاستفهام متقدّمة، فكذلك ما أشبهها. الأمر الثاني: أنه كلامٌ يجري مجرى المثل، والأمثالُ لا تُغيَّر، وتحمل على ألفاظها، وإن قاربتِ اللَّحْنَ. والوجه الثاني من وجهَي رفع المخصوص أن يكون "عبد الله" في قولك: "نعم الرجلُ عبدُ الله" خبرَ مبتدأ محذوف، كأنّه لمّا قيل: "نعم الرجل"، فُهِمَ منه ثناءٌ على واحد من هذا الجنس، فقيل: "مَن هذا الذي أُثْنِيَ عليه؟ " فقال: عبدُ الله، أي: هو عبد الله. وهذا من المبتدآت التي تُقدَّر ولا تُظهر. فعلى الوجه الأوّل يكون "نعم الرجلُ" له موضعٌ من الإعراب، وهو الرفع بأنّه خبرٌ عن "عبد الله"، ويكون الكلام جملة واحدة من مبتدأ وخبر. وعلى الوجه الآخر يكون جملتَين: جملة أُولَى فعليّة لا موضع لها من الإعراب، وجملة ثانية اسميّة كالمفسْرة للجملة الأولى. وليست إحداهما متعلّقة بالأُخرى تعلُّقَ الخبر كما كانت الأولى كذلك، فالأُولى على كلام واحد، والثانيةُ على كلامَيْن.

[فصل [حذف المخصوص]]

قال صاحب الكتاب: وقد يحذف المخصوص إذا كان معلوماً, كقوله تعالى:


= والدرر ٥/ ١١٠؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص ١٠٦؛ والأشباه والنظائر ٢/ ١٥٣؛ والجنى الداني ص ٥٢٤؛ وسرّ صناعة الإعراب ص ٢٦٥؛ وشرح شواهد الإيضاح ص ١٠٧؛ وشرح شواهد المغني ص ١٧٧؛ وشرح ابن عقيل ص ٥٩٧؛ والمنصف ٣/ ١١٨؛ ومغني اللبيب ص ٥٦؛ والمقاصد النحوية ١/ ٥٧٧، ٤/ ٤٧٤، والمقتضب ٢/ ٧١؛ وهمع الهوامع ٢/ ٦٧.
اللغة: العراض: الناحية. المواكب: ج الموكب، وهو الجماعة من الناس.
المعنى: يقول: أمّا القتال فلا تحسنونه، ولستم من أهله، وإنّما أنتم تحسنون السير مع الجماعات التي لا تقاتل، أي للاستقبال أو للاستعراض.
الإعراب: "فأما": الفاء: بحسب ما قبلها، "أما": حرف شرط وتفصيل. "القتال": مبتدأ مرفوع. "لا": نافية للجنس. "قتال": اسم "لا" مبنيّ في محلّ نصب. "لديكم": ظرف مكان مبنيّ، متعلّق بمحذوف خبر "لا" وهو مضاف، "كم": ضمير متصل مبني في محلّ جرّ بالإضافة. "ولكن": الواو: حرف استئناف، "لكن" حرف مشبه بالفعل، واسمه ضمير المخاطب المحذوف تقديره: "لكنكم". "سيرًا": مفعول مطلق لفعل محذوف تقديره: "تسيرون سيرًا، وهذه الجملة في محلّ رفع خبر "لكن". وقيل "سيرًا" اسم "لكن" منصوب، والخبر محذوف تقديره: "ولكن لكم سيرًا". "في عراض": جارّ ومجرور متعلّقان بـ"سيرًا"، وهو مضاف. "المواكب": مضاف إليه مجرور.
وجملة "أما القتال ... ": بحسب ما قبلها. وجملة "لا قتال لديكم": في محلّ رفع خبر المبتدأ. وجملة "لكن سيرًا ... ": استئنافية لا محلّ لها من الإعراب.
والشاهد فيه: كالشاهد السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>