للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الشارح: هذا من الضرب الثاني، وهو ما يكون حرفًا واسمًا، وهي خمسةٌ على ما ذكرنا: "عَلى"، و"عَنْ"، والكاف، و"مُذْ"، و"مُنْذْ". فأمّا "عَلى" فكان أبو العبّاس يقول. إنها مشترَكةٌ بين الاسم والفعل والحرف، لا أنَّ الاسم هو الفعل والحرف، ولكن يتّفق الاسم والفعل والحرف في اللفظ، فإذا كانت حرفًا؛ دلّت على معنى الاستعلاء فيما دخلت عليه، كقولك: "زيدٌ على الفرس"، فـ "زيد" هو المستعلِي على الفرس، و"عَلى" أفادت هذا المعنى فيه. ومن ذلك "على زيدٍ دَيْنٌ"، كأنه شيءٌ قد علاه فالمُسْتعلى عليه "زيدٌ". وكذلك: "فلانٌ علينا أميرٌ" لاستعلائه من جهة الأمر. ومنه قوله تعالى: {وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ} (١)، وقوله تعالى: {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ} (٢)، المراد الركوب عليه، والاستواء فوقه.

فأمّا قولهم: "مررت عليه" فاتّساغٌ، وليس فيه استعلاءٌ حقيقةً، إنما جرى كالمثل. ويجوز أن يكون المراد مروره على مكانه، فيكون فيه استعلاءٌ. فأمّا قولهم: "أُمررتُ يَدِي عليه"، ففيه استعلاءٌ، لأن المراد فوقه. وأمّا إذا كانت اسمًا، فتكون ظرفَ مكان بمعنى الجهة، ويدخل عليها حرف الجرّ كما يدخل على غيرها من


= الأدب ٦/ ٥٣٥؛ ورصف المباني ص ٣٧١؛ وشرح الأشمونى ٢/ ٢٩٦؛ وشرح ابن عقيل ص ٣٦٧؛ والكتاب ٤/ ٢٣١؛ ومجالس ثعلب ص ٣٠٤؛ ومغني اللبيب ١/ ١٤٦، ٢/ ٥٣٢؛ والمقتضب ٣/ ٥٣؛ والمقرب ١/ ١٩٦؛ وهمع الهوامع ٢/ ٣٦.
اللغة: الظمء: ما بين الشربين. تصلّ: تصوّت. القيض: قشرة البيضة العليا. الزيزاء: موضع. المجهل: القفر الخالي من الأعلام.
المعنى: إن القطاة قد تركت فراخها وقشر بيضها، وراحت تصوّت في أرض خالية من الأعلام بعد أن اشتدّ بها الظمأ.
الإعراب: "غدت": فعل ماضٍ ناقص، والتاء: للتأنيث، واسمه ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هى. "من عليه": جار ومجرور متعلّقان بمحذوف حال من اسم "غدت"، و"على" مضاف، والهاء: ضمير متصل مبني في محلّ جرّ بالإضافة. "بعد": ظرف زمان منصوب، متعلّق بـ "غدا"."ما": حرف مصدري. "تمّ": فعل ماضٍ. والمصدر المؤول من "ما" وما بعدها في محل جر مضاف إليه. "تمّ": فعل ماضٍ. "ظمؤها": فاعل مرفوع، و"ها": ضمير متصل مبنى في محلّ جرّ بالإضافة. "تصلّ": فعل مضارع مرفوع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هي. "وعن قيض": الواو: حرف عطف، و"عن قيض": جار ومجرور معطوفان على "من عليه". "بزيزاء": جار ومجرور متعلّقان بمحذوف نعت "قيض". "مجهل": نعت "بيداء" مجرور.
وجملة "غدت ... ": ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "تصل ... ": في محلّ نصب خبر "غدا".
والشاهد فيه قوله: "من عليه" حيث جاءت "على" اسمًا مجرورًا بـ "من" بمعنى "فَوق".
(١) الزخرف: ٣٢.
(٢) المؤمنون: ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>