للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المدَّ، فاستُعملت للقريب. وقد يستعملون الحروف الموضوعة للمدّ موضعَ "أيْ" والهمزةِ، أعني للقريب، ولمن كان مُقبِلًا عليك توكيدًا. ولا يستعملون الهمزةَ و"أيْ" في مواضع الثلاثة الأول، أعني للبعيد.

وأصلُ حروف النداء "يا"؛ لأنها دائرةٌ في جمع وجوده؛ لأنها تُستعمل للقريب والبعيد والمستيقظِ والنائم والغافل والمُقبِل، وتكون في الاستغاثة والتعجب. وقد تدخل في النُّدبة بدلاً من "وا". فلما كانت تدور فيه هذا الدوَرانَ، كانت لأجل ذلك أُم الباب والأصلَ في حروف النداء، فإذا "أيا"، وَ"هَيا" أُختان؛ لأنهما للبعيد ولكل ما أُريد مدُّ الصوت به.

وقد اختلف العلماء في "أيا" و"هَيا"، فقال الأكثرُ: هما أصلان، وليس أحدهما بدلًا من الآخر. وذهب ابن السكيت إلى أن الأصل في "هَيا": "أيا"، والهاءُ بدلٌ من الهمزة على حد قولههم في "إياكَ"، "هِياكَ". قال الشاعر [من الطويل]:

١١٤٩ - فَهِيَّاكَ والأمرَ الذي إنْ تَوسعتْ ... مَوارِدُهُ ضاقَتْ عليك مَصادِرُهْ

وقول الآخر [من الرجز]:

١١٥٠ - فانصرفت وَهي حَصان مُغْضَبَه ... ورفعتْ بصَوْتِها هَيَا أبَهْ


١١٤٩ - التخريج: البيت المضرس بن ربعي في شرح شواهد الشافية ص ٤٧٦؛ ولطفيل الغنويّ أو لمضرس في ديوان طفيل ص ١٠٢؛ وبلا نسبة في سرّ صناعة الإعراب ٢/ ٥٥٢؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ١١٥٢؛ وشرح شافية ابن الحاجب ٣/ ٢٢٣؛ ولسان العرب ١٥/ ٣٧٦ (هيا)، ١٥/ ٤٣٨ (أيا)؛ والمحتسب ١/ ٤٠؛ والممتع في التصريف ١/ ٣٩٧؛ والمنصف ٢/ ١٤٥.
اللغة. فهياك: فإيّاك. الموارد: المداخل. لمصادر: المخارج.
المعنى: احذر الأمر الذي تتعدد مداخله، فإن مخارجه قد تكون غير موجودة، أو قليلة جدًّا.
الإعراب: "فهياك": الفاء: بحسب ما قبلها، "هياك": ضمير منفصل في محلّ نصب مفعول به لفعل محذوف تقديره: أحذر إياك. "والأمر": الواو: للعطف، الأمر: مفعول به لفعل محذوف تقديره: احذر. "الذي" اسم موصول في محل نصب صفة. "إن": حرف شرط جازم. "توسعت": فعل ماضٍ مبني على الفتح، في محل جزم فعل الشرط، والتاء: للتأنيث. "موارده": فاعل مرفوع بالضمة، والهاء: ضمير متصل في محل جرّ بالإضافة. "ضاقت": فعل ماضٍ مبني على الفتح في محل جزم جواب الشرط، والتاء: للتأنيث. "عليك": جار ومجرور متعلّقان بـ "ضاقت". "مصادرُه": فاعل مرفوع بالضمة. والهاء مضاف إليه.
وجملة " أحذّر هياك": بحسب ما قبلها. وجملة "احذر الأمر": معطوفة على السابقة. وجملة "إن توسعت موارده ضاقت مصادره": الشرطية صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. وجملة "ضاقت مصادره": جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء لا محل لها.
والشاهد فيه قوله: "فهياك" حيث أبدل الهمزة من الهاء، فأصلها: فإياك.
١١٥٠ - التخريج: الرجز للأغلب العجلي في ديوانه ص ١٤٨، ١٤٩؛ وله أو لامرأة من بني سعد يقال =

<<  <  ج: ص:  >  >>