للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أصناف الحرف حرفا الشَّرْط

فصل [تعدادُهما]

قال صاحب الكتاب: وهما "إن", و"لو". تدخلان على جملتين, فتجعلان الأولى شرطاً, والثانية جزاء, كقولك: "إن تضربني أضربك"، و"لو جئتني لأكرمتك", خلا أن "إن" تجعل الفعل للاستقبال, وإن كان ماضياً, و"لو" تجعله للمضي, وإن كان مستقبلاً, كقوله تعالى: {لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم} (١). وزعم الفراء أن "لو" تُستعمل في الإستقبال كـ "إن".

* * *

قال الشارح: سيبويه (٢) رحمه الله إنّما ذكر"إنّ" و"إذْمَا"، وعدّ "إذما" في حيّز الحروف، ولم يذكر "لَوْ"؛ لأن "لَوْ" معناها المُضِيُّ، والشرط إنما يكونا بالمستقبل, لأنّ معنى تعليق الشيء على شرط، إنما هو وقوفُ دخوله في الوجود على دخول غيره في الوجود. ولا يكون هذا المعنى فيما مضى، وإنمّا يذكرها مَن يذكرها في حروف الشرط؛ لأنها كانت شرطًا فيما مضى، إذ كان وجودُ الثاني موقوفًا على وجود الأول.

وقد فرق سيبويه (٣) بين "إذما" و"حَيثُمَا"؛ لأن "إذما" تقع موقعَ "إنْ"، ولم يقم دليلٌ على اسميّتها. ألا ترى أنّه لا يعود من الجزاء بعدها إليها ضميرٌ، كما يكون ذلك مع "حَيثُ" إذا قلت: "حيثما تكن أكُنْ فيه"؟ والفُرْقانُ بينهما أنَّ "إذْ" ظرفُ زمان معناه الماضي، فلمّا ضُمت إليها "ما"، ورُكَّبت معها، وجوزي بها، خرجت عن معنى المضيّ إلى الاستقبال. والشيئان إذا رُكّبا قد يحدث لهما بالجمع والتركيبِ معنى ثالثٌ، ويخرجان عن حكمِ ما لكلّ واحد منهما إلى معنَى مفرد، كما قلنا في "لَوْلا"، و"هَلاَّ". ونظائرُ ذلك كثيرةٌ. وليست "حَيثُمَا" كذلك، بل هي للمكان، ولم تُزَل عن معناها بدخولِ


(١) الحجرات: ٧.
(٢) الكتاب ٣/ ٥٦.
(٣) الكتاب ٣/ ٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>