للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل [انتصاب الفعل بعد "كي"]]

قال صاحب الكتاب: وانتصاب الفعل بعد "كي" إما أن يكون بها نفسها, أو بإضمار "أن". وإذا دخلت اللام, فقلت: "لكي تفعل", فهي العاملة, كأنك قلت: "لأن تفعل".

* * *

قال الشارح: قد تقدّم قولنا إنّ "كَيْ" تكون حرف جرّ، فتكون ناصبة للفعل بمعنى "أنْ". فعلى المذهب الأوّل، إذا انتصب الفعلُ بعدها، كان بإضمارِ "أنْ" على ما ذكرناه. وعلى المذهب الثاني الفعل ينتصب بها نفسها، ويجوز دخولُ اللام عليها، كما تدخل على "أنْ"، نحوَ: "جئتُ كي تقومَ، ولِكَي تقومَ"، كما تقول. "لأن تقومَ". وإذا دخلت عليها اللامُ، لم تكن إلَّا الناصبة بنفسها؛ لأن اللام حرف جرّ، وحرفُ الجرّ لا يدخل على مثله، فأما قوله [من الوافر]:

فلا واللهِ لا يُلْفى لِما بي ... ولا لِلْما بهم أبَدًا دَوَاءُ (١)

فشاذ قليل لا يُعتدّ به.

فصل [مجيء "أن" مُظهرة بعد "كي"]

قال صاحب الكتاب: وقد جاءت "كي" مظهرة بعدها "أن" في قول جميل [من الطويل]:

فقالت أكل الناس أصبحت مانحاً ... لسانك كيما أن تغر وتخدعا (٢)

* * *

قال الشارح: قد تقدّم أنّ "كَيْ" تكون ناصبة للفعل بنفسها بمعنى "أنْ"، وتكون حرفَ جرّ بمعنى اللام. وينتصب الفعل بعدها بإضمارِ "أنْ"، ولا يظهر "أنْ" بعدها في الكلام, لأنه من الأصُول المرفوضة. وقد جاء ذلك في الشعر، ومنه بيتُ جَمِيل.

أمّا الكوفيون فيذهبون إلى أن النصب في قولك: "جئتُ لتُكرِمَني" باللام نفسها (٣)، فإذا جاءت "كَيْ" مع اللام فالنصبُ للام، و"كَيْ" تأكيدٌ. فهذا انفردت "كَي"، فالعملُ لها. ودخولُ "أن" بعد "كَي" جائزٌ في كلامهم، تقول: "جئت لكي أن تقوم". ولا موضع


(١) تقدم بالرقم ٩٦٤.
(٢) تقدم منذ قليل.
(٣) انظر المسألة التاسعة والسبعين في كتاب "الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين والبصريين والكوفيين" ص ٥٧٥ - ٥٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>