للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أصناف الحرف

حرفُ الرَّدْع

[فصل [كلا]]

قال صاحب الكتاب: وهو "كلا". قال سيبويه (١): هو ردعٌ وزجرٌ. وقال الزجاج: "كلا" ردعٌ وتنبيهٌ، وذلك قولك: "كلا" لمن قال لك شيئاً تنكره, نحو: "فلانٌ يُبغضك" وشبهه, أي: ارتدع عن هذا وتنبه عن الخطأ فيه. قال الله تعالى بعد قوله: {رَبِّي أَهَانَنِ كَلَّا} (٢) , أي: ليس الأمر كذلك, لأنه قد يوسع في الدنيا على من لا يكرمه من الكفار, وقد يضيق على الأنبياء والصالحين للاستصلاح.

* * *

قال الشارح: "كَلاَّ" حرفٌ على أربعة أحرف كـ"أمَّا" و"حَتَّى". وينبغي أن تكون ألفه أصلًا؛ لأنَّا لا نعلم أحدًا يوثَق بعربيّته يذهب إلى أنّ الألف في الحروف زائدةٌ، واختلفوا في معناه، فقال أبو حاتم: "كَلَّا" في القرآن على ضربين على معنى الرِّدّ للأؤل بمعنى "لا"، وعلى معنى "ألا" التي للتنبيه، يُستفتح بها الكلام. وقد قال بعض المفسّرين في قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} (٣): معناه حَقًا، وهذا قريبٌ من معنى "ألا". وقال الفرّاء: "كَلَّا" حرفُ رَدّ يُكتفى بها كـ"نَعَمْ"، و"بَلَى"، وتكون صلة لما بعدها، كقولك: "كَلَّا وَرَبِّ الكَعْبة" بمنزلةِ "إِيْ وربّ الكعبة"، كقوله تعالى: {كَلَّا وَالْقَمَرِ} (٤). وعن ثَعْلَبٍ قال: لا يوقَف على "كَلَّا" في جميع القرآن، لأنّها جوابٌ، والفائدةُ فيما بعدها. وقالَ بعضهم: يوقف على "كَلَّا" في جميع القرآن؛ لأنّها بمعنى: انْتَبِهْ، إلَّا في موضع واحد، وهو قوله: {كَلَّا وَالْقَمَرِ} (٥)، والحق فيها أنّها تكون ردّ الكلام قبلها بمعنى "لا", وتكون تنبيهًا كـ"ألا" و"حَقًّا"، وعليه الأكثرُ. ويحسن الوقفُ عليها إذا كانت ردًّا بمعنى: ليس الأمرُ كذلك، ولا يحسن الوقفُ عليها إذا كانت تنبيهًا بمعنى "ألا" و"حَقًّا"، فاعرفه.


(١) الكتاب ٤/ ٢٣٥.
(٢) الفجر:٦ - ٧.
(٣) العلق: ٦ - ٧.
(٤) المدثر: ٣٢.
(٥) المدثر: ٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>