للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والنائب مناب حرف الإطلاق في إنشاد بني تميم في نحو قول جرير [من الوافر]:

أقلي اللوم عاذل والعتابن ... وقولي إن أصبت لقد أصابن (١)

والتنوين الغالي في نحو قول رؤبة [من الرجز]:

وقاتم الأعماق خاوي المخترقن (٢)

ولا يلحق إلا القافية المقيَّدة (٣).

* * *

قال الشارح: اعلم أنّ التنوين في الحقيقة نونٌ تلحق آخِرَ الاسم المتمكّن، وغيرُه من وجوه التنوين فمبنيةٌ، يُقال: "نوّنتُ الكلمةَ تَنْوينًا" إذا ألحقتَها هذه النوَن. فالتنوينُ مصدرٌ غلب حتى صار اسمًا لهذه النون. وفرقوا بهذا الاسم بين هذه النون والنون الأصليّة، نحوِ: "قُطْنٍ" و"رسن" والملحقةِ الجاريةِ مجرى الأصليّة، نحو "رَعْشنٍ"، و"فِرْسِن". وذلك أنّ التنوين ليس مُثبَتًا في الكلمة، إنّما هو تابعٌ للحركات التابعة بعد تمام الجزء جِيءَ به لمعنًى، وليس كالنون الأصليّة التي من نفس الكلمة أو المُلْحَقةِ الجاريةِ مجرى الأصل، ولذلك من إرادة الفرق لم يثبت لها صورةٌ في الخطّ. وهو على خمسة أضرب:

أحدها: أن يأتي للفرق بين ما ينصرف وما لا ينصرف، وهو الدالّ على المكانة، أي: أنّه باقٍ على مكانه من الاسميّة لم يخرج إلى شَبَه الحرف، فيكونَ مبنيًّا، نحوَ: "الَّذِي" و"الَّتِي"، ولا إلى شبه الفعل، فيمتنعَ من الصوف، نحوَ: "أحمَدَ"، و"إبْراهِيمَ". وذلك نحوَ تنوين "رَجُلٍ"، و"فَرَسٍ"، و"زيدٍ"، و"عمرو"، و"أحمدٍ"، و"إبراهيم"، إذا أردت بهما النكرة. فإذا قلت: "لقيتُ أحمدًا"، فقد أعلمتَه أنّك مررت بواحد ممّن اسمُه "أحمدُ"، وإذا قلت: "أحمدَ" بغير تنوين، فأنت تُعْلمه أنك مررت بالرجل الذي اسمه أحمد، وبينك وبينه عهدٌ فيه وتواضعٌ، والتنوينُ هو الدالّ على ذلك.

والثاني: أن يكون دالاًّ على النكرة، ولا يكون في معرفة ألبتّة، ولا يكون إلَّا تابعًا لحركات البناء دون حركات الإعراب، وذلك نحو: "صَهٍ"، و"مَهٍ"، و"إيهٍ". فإذا قلت:


= جملة "طلبوا": ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "فأجبنا": معطوفة على جملة "طلبوا" لا محلّ لها. وجملة "لات أوان": في محلّ نصب حال.
الشاهد فيه قوله: "ولات أوانٍ"، حيث جاء التنوين في "أوان" عوضًا من المضاف إليه.
(١) تقدم بالرقم ٣٦.
(٢) تقدم بالرقم ٣٤٢.
(٣) أي: الساكنة الرويّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>